مَا أبصَرَ الناسُ جَميعاً بَدْرَا، ... وَلا رَأوْا شَمساً، وَغُصْناً نَضْرَا
أحسَنَ مِن عمروٍ، فدَيتُ عمر!! ... ظَبيٌ بعَيْنَيهِ سَقَاني الخَمْرَا
هَا أنَا ذَا بِقَدّهِ مَقدُودُ، ... وَالدّمعُ في خَدّي لَهُ أُخْدُودُ
مَا ضرّ مَن فَقدي بهِ مَوْجُودُ، ... لَوْ لَمْ يُقبّحْ فِعلَهُ الصّدُودُ
إنْ كانَ دِيني عِندَهُ الإسلامُ ... فَقَدْ سَعَتْ في نَقضِهِ الآثَامُ
وَاختَلّتِ الصّلاةُ وَالصّيَامُ، ... وَجَازَ في الدّينِ الحَرَامُ
يَا لَيْتَنِي كُنتُ لَهُ صَلِيبَا، ... أكُونُ مِنْهُ أبَداً قَرِيبا
أُبْصِرُ حُسْناً وَأشمّ طِيبا، ... لا وَاشِياً أخشَى، وَلا رَقيبَا
بَلْ لَيْتَني كُنتُ لَهُ قُرْبانَا ... ألْثِمُ مِنْهُ الثّغْرَ وَالبَنانَا
أوْ جَاثَليقاً كُنتُ أوْ مُطْرَانَا، ... كَيْمَا يَرَى الطّاعةَ لي إيمانَا
بَلْ لَيْتني كنتُ لعمروٍ مُصْحَفَا ... يَقرَأُ مِني كُلّ يَوْمٍ أحرُفا
أوْ قَلَماً يَكتُبُ بي مَا ألّفَا ... مِنْ أدَبٍ مُسْتَحسَنٍ قَد صُنّفَا
بَلْ لَيْتَني كنتُ لعمروٍ عُوذَهْ، ... أوْ حُلّةً يَلبَسُهَا مَقذُوذَهْ
أوْ بَرْكَةً بإسمِهِ مَأخُوذَهْ، ... أوْ بِيعَةً في دَارِهِ مَنْبُوذَهْ
بَلْ لَيْتَني كُنتُ لَهُ زُنّارَا ... يُدِيرُني في الخَصرِ كَيفَ دَارَا
حَتى إذا اللّيلُ طَوَى النّهَارَا، ... صِرْتُ لَهُ حينَئِذٍ إزَارَا
قَدْ، وَالّذي يُبقِيهِ لي، أفنَاني، ... وَابتَزّ عَقلي، وَالضَّنى كَسَاني
ظَبيٌ عَلى البُعَادِ وَالتّدَانِي، ... حَلّ مَحلّ الرّوحِ مِنْ جُثمَاني