ما قضيت وطري منها، وأنا طقطق لست بزيد. فأقبل البرتي على المرأة، فقال: يا حبيبتي! ما أدري كيف كان صبرك على مباضعة هذا البغيض، ثم أنشأ يقول:
تَرَبّصْ بها رَيبَ المَنونِ، لَعَلّهَا ... تُطَلّقُ يَوْمَاً، أوْ يموتَ حَليلُها
فقام طقطق، وتعلق به وصيف غلام البرتي، فصاح به: دعه يذهب عنا إلى سفر، ثم قال لها: إن لم يصر لك إلى ما تريدين فصيري إلى امرأة وصيف حتى تعلمني، وأضعه في الحبس.
وكتب صاحب الخبر ما كان، فعلق به البرتي، وصانعه على خمسمائة دينار على أن لا يرفع الخبر بعينه، ولكن يكتب أن عجوزاً خاصمت زوجها، فاستغاثت بالقاضي، فقال لها: ما أصنع يا حبيبتي! هو حكم ولا بد أن أقضي بالحق.
وانصرف البرتي متيماً، فما زال مدنفاً يبكي ويهيم فوق السطوح، ويقول الشعر: فكان مما يقوله:
وَاحَسرَتي عَلى مَا مَضَى، ... لَيْتَني لضمْ أعرِفِ القَضَا
أحبَبتُ أمراً وَخِفتُ اللهَ حَقّاً ... فَمَا تَمّ حَتى انقَضَى
وغير ذلك من شعر لا وزن له ولا روي إلا أنه ارعوى ورجع.
أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بصور، أنبأنا أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد الناجي الأندلسي: حدثني خالي القاضي أبو شاكر عبد الواحد بن محمد بن موهب بن محمد التجيبي لعبد الله بن الفرج الجياني، وهو أخو سعيد وأحمد ابني الفرج: