وإذا امرأة طوالة أدماء حسناء، فقال لها عمر: فأين قول جميل:
وَهُما قالَتا: لَو أنّ جَميلاً ... عَرَضَ اليَوْمَ نَظرَةً فَرَآنَا
نَظَرَتْ نَحوَ تِرْبِها ثمّ قالَتْ: ... قَد أتَانَا، ومَا عَلِمنَا، مُنَانَا
بَينَمَا ذاكَ مِنهُمَا رَأتَاني ... أُعمِلُ النّصّ سَيرَةً زَفَيَانَا
فقالت له: لو استمد جميل منك ما أفلح، وقد قيل: اشدد البعير مع الفرس إن تعلم جرأته وإلا تعلم من خلقه.
أخبرنا أبو الحسين أحمد بن علي التوزي، حدثنا أبو القاسم إسماعيل بن سعيد بن سويد المعدل، حدثنا علي أبو الحسين بن القاسم الكوكبي، حدثنا أبو أمية الغلابي، أخبرني محمد بن أفلح السدوسي، أخبرني سوادة بن الحسين قال: خرجت أنا وصاحب لي نبغي ضالةً لنا، فألجأنا الحر إلى أخبية، فدنونا من خباء منها، فإذا عجوز بفنائه، فسلمنا، فردت السلام، ثم جلسنا نتناشد الأشعار. فقالت العجوز: هل فيكم من يروي لذي الرمة شيئاً؟ قلنا: نعم! قالت: قاتله الله حيث يقول:
وَما زَالَ يَنمي حبُّ مَيّةَ عِندنَا ... وَيَزْدادُ حتى لم نَجِدْ مَا يَزِيدُها
ثم ولت، واطلعت علينا من الخباء بهكنة كأنها شقة قمر، فقالت: إنها والله ما قالت شيئاً وإن أشعر منه الذي يقول:
وَرَخْصَةِ الأطرَافِ مَمكُورَةٍ ... تَحسَبُها مِنْ حُسنِها لُؤلُؤهْ