أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي في ما أذن لنا أن نرويه عنه قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه.
قال: حدثنا محمد بن خلف قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الله السرخسي قال: حدثني عباس بن عبيد قال:
كان بالمدينة جارية ظريفة حاذقة بالغناء، فهويت فتىً من قريش، فكانت لا تفارقه ولا يفارقها، فملّها الفتى وتزايدت هي في محبته وأسفت، فغارت، فولهت وجعل مولاها لا يعبأ بذلك ولا يرق لشكواها، وتفاقم الأمر بها حتى هامت على وجهها، ومزقت ثيابها، وضربت من لقيها، فلما رأى مولاها ذلك عالجها فلم ينجع فيها العلاج، وكانت تدور بالليل في السكك مع الأدب والظرف. قال: فلقيها مولاها ذات يوم في الطريق، ومعه أصحاب له، فجعلت تبكي وتقول:
الحُبُّ أوّلُ ما يكونُ لجَاجَةً، ... يَأتي بِهِ وَتسوقُهُ الأقْدارُ.
حتى إذا اقتحَمَ الفتى لُجَجَ الهوَى، ... جاءَتْ أُمورٌ، لا تُطاقُ، كبارُ
قال: فما بقي أحد إلا رحمها، فقال لها مولاها: يا فلانة امضي معنا إلى البيت، فأبت وقالت:
شغل الحلي أهله أن يعارا.
قال: وذكر بعض من رآها ليلةً، وقد لقيتها مجنونة أخرى، فقالت لها: فلانةُ! كيف أنت؟ فقالت: كما لا أحب، فكيف أنت من ولهك وحبك؟ قالت: على ما لم يزل يتزايد بي على مر الأيام.
قالت لها: تغني بصوت من أصواتك فإني قريبة الشبه بك. فأخذت