وبإسناده أنشدنا أبو علي لبشار:
لمْ يَطُلْ لَيلي، وَلكِنْ لمْ أنَمْ، ... وَنَفَى عَني الكَرَى طَيفٌ ألَمّ
خَتَمَ الحُبُّ لهَا في عُنُقي، ... مَوْضِعَ الخَاتَم من أهلِ الذِّمَمْ
إنّ في ثَوْبيّ جِسْماً نَاحِلاً ... لَوْ تَوَكّأتُ عَلَيْهِ لانْهَدَمْ
أخبرنا أبو إسحق الحبال، رحمه الله تعالى، فيما أجاز لنا، أخبرنا أبو الفرج محمد بن عمر الصدفي، أخبرنا أبو علي الحسين بن علي بن محمد بن رحيم، أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن زوزان، حدثنا أبو زيد، أخبرنا إبراهيم بن الأزهر عن عبد الله بن محمد قال:
مررت في بعض سكك البصرة فسمعت استغاثة جارية تضرب، فتيممت الأبواب حتى وقفت على الباب الذي يخرج منه الصوت، فقلت: يا أهل الدار! أما تتقون الله؟ علام تضربون جاريتكم؟ فقيل لي: ادخل. فدخلت، فإذا أمرأة كأن عنقها إبريق فضة، جالسة على منصة، وبين يديها غراب مشدود، وفي يدها عصاً تضربه بها. قال: فكلما ضربت الغراب صاحت الجارية، فقلت: ما شأن هذا الغراب؟ فقالت لي: أما سمعت قول قيس بن ذريح حيث يقول:
ألا يا غُرَابَ البَينِ قد طِرْتَ بالّذي ... أُحَاذِرُ مِنْ لَيلى فَهَلْ أنتَ وَاقعُ
ألا وقع كما أمره؟ فقلت: إن هذا الغراب ليس هو ذاك الغراب. فقالت: نأخذ البريء بالسقيم حتى نظفر بحاجتنا.