رَمَى قَلبَهُ البرْقُ المُلألئُ رَميَةً ... بذكرِ الحِمَى وَهناً فصارَ يَهيمُ
فقلت: يا فتى! إن في دون ما بك ما يشغل عن قول الشعر. قال: أجل، ولكن البرق أنطقني. ثم اضطجع فمات، فما يتهم عليه إلا الحب.
أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، رحمه الله تعالى، حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الرحيم المازني، حدثنا أبو علي الحسين بن القاسم بن جعفر الكوكبي، حدثنا الكديمي أبو العباس، أخبرنا السلمي عن محمد بن نافع مولاهم عن أبي ريحانة أحد حجاب عبد الملك بن مروان قال: كان عبد الملك يجلس في كل أسبوع يومين جلوساً عاماً، فبينا هو جالس في مستشرف له، وقد أدخلت عليه القصص، إذ وقعت في يده قصةٌ غير مترجمة، فيها: إن رأى أمير المؤمنين أن يأمر جاريته فلانة تغنيني ثلاثة أصوات ثم ينفذ في ما شاء من حكمه. فاستشاط من ذلك غضباً، وقال: يا رباح علي بصاحب هذه القصة. فخرج الناس جميعاً، وأدخل عليه غلام من أجمل الفتيان وأحسنهم، فقال له عبد الملك: يا غلام! أهذه قصتك؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين! قال: ومائتين الذي غرك مني؟ والله لأمثلن بك، ولأردعن بك نظراءك من أهل الخسارة. علي بالجارية! فجيء بها كأنها فلقة قمر، وبيدها عود، فطرح لها الكرسي، فجلست، فقال عبد الملك: مرها يا غلام! فقال لها: غنيني يا جارية بشعر قيس بن ذريح:
لقد كنتِ حسبَ النفسِ لوْ دامَ وِدُّنا، ... وَلَكِنَّمَا الدُّنْيَا مَتَاعَ غُرُورِ