الله الحرام، وقبر محمد، عليه الصلاة والسلام، فلعل الله يعافيه. قلت لهم: فما بالكم تمسكونه؟ قالوا: نخاف أن يجني على نفسه جناية تتلفه، قال: وهو يقول: دعوني أتنسم صبا نجد. فقال لي بعضهم: ليس يعرفك، فلو شئت دنوت منه، فأخبرته أنك قدمت من نجد وأخبرته عنها، قلت: نعم، أفعل، فدنوت منه. فقالوا له: يا قيس، هذا رجل قدم من نجد. قال: فتنفس حتى ظننت أن كبده قد تصدعت، ثم جعل يسائلني عن موضع فموضع وواد فواد، وأنا أخبره وهو يبكي، ثم أنشأ يقول:
ألا حَبذَا نَجدٌ وَطيبُ تُرَابِهِ ... وَأرْوَاحِهِ إنْ كانَ نجدٌ على العَهدِ
ألا لَيتَ شِعرِي! هل عُوَارَضَتي قَنَا ... بطُولِ اللّيالي قَدْ تَغَيَّرَتَا بَعدي
وَعَنْ جارَتَينَا بالنَّثِيلِ إلى الحِمَى، ... على عَهدنا أم لم تَدومَا على العَهدِ
وَعَن عَلَوِيّاتِ الرِّيَاحِ إذا جَرَتْ ... برِيحِ الخُزَامَى هل تَهُبُّ على نجدِ
وَعَنْ أُقحُوانِ الرَّملِ مَا هُوَ صَانعٌ ... إذا هُوَ أثرَى لَيلَةً بثَرىً جَعْدِ
أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد، أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس الخزاز، أخبرنا محمد بن خلف، أخبرني أبو بكر العامري عن عبد الله بن أبي كريم عن أبي عمرو الشيباني عن أبي بكر الوالبي قال: ذكروا أن المجنون برجلين قد صادا عنزاً من الظباء فلما نظر إليها دمعت عيناه وقال: يا هذان! خلياها، فأبيا عليه. فقال: لكما مكانها