أحسبك عاشقاً. قال: نعم! قلت: لمن؟ قال: لمن إن وقفت رأيته. فما لبثنا ساعة أن جاءت سوداء على كتفها جرة، فضرب بيده عليها، وقال: ها هي هذه. قال: قلت له: ما مقامك ههنا؟ قال: اشتريت، فأوقفت على هذا القبر أرشه، فأنا أبرد من فوق، وربك يسخن من أسفل.
أنبأنا أبو محمد الحسن بن محمد الخلال، رحمه الله تعالى، في سنة سبع وثلاثين وأربعمائة، أخبرنا يحيى بن علي بن يحيى المعمري، أنشدنا أبو محمد جعفر بن محمد الصوفي أنشدني بعض إخواننا لأبي بكر محمد بن داود الفقيه:
حَمَلتُ جِبالَ الحُبّ فِيكَ، وَإنّني ... لأعجزُ عَن حَملِ القَميصِ وَأضْعُفُ
وما الحُبّ من حُسنٍ وَلا من سَماحةٍ، ... وَلِكنّه شيءٌ به الرّوح تَكْلَفُ
أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد الخلال بالتاريخ، حدثنا عبد الواحد بن علي بن الحسين، حدثنا أبو يحيى بن أبي مسرة، حدثنا أبو غسان محمد بن يحيى حدثنا المساحقي عن أبيه أنه خرج ساعياً في بني عامر، فأتاه مجنون بني عامر، فٍساله أن يكلم له عمه، فأبى أن يزوجه، فأمر المساحقي للمجنون بقلائص، فوهبها له وأبى أن يقبلها، ثم أنشأ يقول:
تَركتُ قَلائِصَ القُرَشيّ لمّا ... رَأيتُ النّقضَ مِنهُ للعُهُودِ