أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي، حدثنا علي بن أيوب القمي، حدثنا المرزباني، حدثني عمر بن يوسف الباقلاني قال: قال أبو حمزة محمد بن إبراهيم: قلت لمحمد بن العلاء الدمشقي، وكان سيد الصوفية، وقد رأيته يماشي غلاماً وضيئاً مدةً، ثم فارقه: لم هجرت ذلك الفتى الذي كنت أراه معك، بعد أن كنت له مواصلاً، وإليه مائلاً؟ قال: والله لقد فارقته عن غير قلىً ولا مللٍ. قلت: ولم فعلت ذاك؟ قال: رأيت قلبي يدعوني إلى أمر إذا خلوت به وقرب مني. لو أتيته لسقطت من عين الله تعالى. فهجرته لذلك تنزيهاً لله تعالى، ولنفسي عن مصارع الفتن، وإني لأرجو أن يعقبني سيدي من مفارقته ما أعقب الصابرين عن محارمه عند صدق الوفاء بأحسن الجزاء، ثم بكى حتى رحمته.
أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن علي الخلال، رحمه الله تعالى، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى، أنبأنا أبو بكر محمد بن القاسم أنشدني أبي لقيس بن الملوح:
ألا أيّها الوَاشِي بلَيلى ألا تَرَى ... إلى من تَشِي أوْ من به جئتَ وَاشيَا
لعمرُ الذي لمْ يَرْضَ حتى أُطِيعَهُ ... بهجرَانهَا لا يُصْبحُ، الدّهرَ، رَاضِيَا
دعاني أمُتْ، يا عاذلِيَّ، بدائِيَا، ... وَلا تَلحَيَاني لا أُحِبّ اللّواحِيَا
إذا نحنُ رُمنا هَجرهَا ضَمّ حُبَّهَا ... صَميمُ الحشا ضَمَّ الجناحِ الخوَافِيَا