حدثنا محمد بن خلف، أخبرني عبد الجبار بن خلف قال: قال المزني: بينا أنا بنواحي مدينة الرسول، صلى الله عليه وسلم، إذا أنا بزنجي يبكي على إلف كان له وهو يقول:
أيَا دَهرُ ما هذا لنا مِنكَ مَرّةً، ... عثرتَ فأقصَيتَ الحَبيبَ المُحَبَّبَا
وَأبدلتْنِي مَنْ لا أُحِبُّ دُنُوَّهُ، ... وَأسقَيتَني صَاباً من العّذبِ مشرَبَا
حدثنا محمد بن خلف، أخبرنا محمد بن الفضل، أخبرني أبي، أخبرنا القحذمي قال: دخل ذو الرمة الكوفة، فبينا هو يسير في بعض شوارعها على نجيب له، إذ رأى جاريةً سوداء واقفةً على باب دار، فاستحسنها، ووقعت بقلبه، فدنا إليها، فقال: يا جارية! اسقيني ماء. فأخرجت إليه كوزاً فيه ماء، فشرب فأراد أن يمازحها، ويستدعي كلامها، فقال: يا جارية! ما أحر ماءك! فقالت: لو شئت لأقبلت على عيوب شعرك وتركت حر مائي وبرده. فقال لها: وأي شعري له عيب؟ فقالت: ألست ذا الرمة؟ قال: بلى! قالت:
فأنتَ الذي شَبَّهْتَ عَنزاً بقَفرةٍ، ... لها ذنبٌ فَوْقَ استِها، أمَّ سالمِ
جَعَلتَ لهَا قَرْنَيْنِ فَوْقَ جَبينها، ... وَطَبييْنِ مسوَدّين مثلَ المَحاجِمِ
وَساقَينِ إن يَستمكِنا منك يترُكا ... بجلدِكَ، يا غَيلانُ، مثلَ الميَاسِمِ
أيَا ظبيَةَ الوَعساءِ بَينَ جَلاجِلٍ ... وَبينَ النَّقا آأنتِ أم أمُّ سَالمِ
فقال: نشدتك بالله ألا أخذت راحلتي هذه وما عليها، ولا تظهري