كلباً، ما علمت بقدومه، ولو علمت لضممته إلي.
فلما أصبح غدا يستدل عليه حتى جاءه، فقال: قدمت هذا البلد، ولم تنزل بنا، ولم تر أن تعلمنا بمكانك فيكون منزلكم عندنا وعلي، إن كان لكم منزل إلا عندي. قال: نعم! نتحول إليك الليلة، أو في غد. فلما ولى قال عروة لأهله: قد كان ما ترون، وإن أنتم لم تخرجوا معي لأركبن رأسي ولألحقن بقومكم، فليس علي بأس. فارتحلوا وركبوا طريقهم، ونكس عروة ولم يزل مدنفاً، حتى نزل وادي القرى.
وروى العمري عن هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبي مسكين أن عفراء لما بلغها وفاة عروة قالت لزوجها: يا هناه! قد كان من أمر هذا الرجل ما بلغك، والله ما كان ذلك إلا على الحسن الجميل، وإنه قد بلغني أنه مات في أرض غربةٍ، فغن رأيت أن تأذن لي فأخرج في نسوة من قومي فيندبه ويبكين عليه. فقال: إذا شئت، فأذن لها، فخرجت، وقالت ترثيه:
ألا أيّها الركبُ المُخِبّونَ وَيحَكُم! ... بحَقٍّ نَعَيتُم عُرْوَةَ بنَ حِزَامِ.
فَلا هَنئ الفِتيَانَ بَعدَكَ غَارَةٌ، ... وَلا رَجَعُوا مِنْ غَيبَةٍ بِسَلامِ.
فَقُلْ للحبَالى لا تُرَجّينَ غَائِباً، ... وَلا فَرَحَاتٍ بَعْدَهُ بِغُلامِ.
قال: ولم تزل تردد هذه الأبيات وتبكي حتى ماتت، فدفنت إلى جابنه، فبلغ الخبر معاوية، فقال: لو علمت بهذين الشريفين لجمعت بينهما.
وقد روي مثل هذا الكلام عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: حدثنا أبو عبد الله محمد بن زكريا، حدثنا العيشي عن أبيه قال: لما زُوجت عفراء جعل عروة يضع صدره في أعطان إبلها، وحيث