لا والله. فانصرفوا حتى مروا بطبيب بحجر، فعالجه وصنع به مثل ذلك، فقال له عروة: والله ما دائي ودوائي إلا شخص بالبلقاء مقيم، فهو دائي، وعنده دوائي.
وفي غير هذه الرواية: شخص بالبلقاء مقيم هو وراني، أي أمرضني وهزلني، والورى داء يكون في الجوف مثل القرحة والسل.
قال سحيم عبد بني الحسحاس:
وَرَاهُنَّ رَبي مثلَ ما قَد وَرَينَني، ... وَأحمَى على أكبادِهنّ المَكاوِيَا.
رجع الحديث قال: فانصرفوا به، فأنشأ يقول عند انصرافهم به:
جَعلتُ لعَرّافِ اليَمَامَةِ حُكمَهُ ... وَعَرّافِ حِجرٍ إن هُما شَفَياني.
فقالا: نعم! نَشفي من الداء كلّه، ... وَقَامَا مَعَ العُوّادِ يَبْتَدِرَانِ.
فَمَا تَرَكَا مِنْ رُقيَةٍ يعلمانِها، ... وَلا سَلَوةٍ إلاّ وقَدْ سَقَيَاني.
فَقالا: شَفاكَ الله، وَاللهِ مَا لَنَا ... بما ضَمِنَتْ مِنكَ الضّلُوعُ يَدانِ.
قال: فلما قدم على أهله، وكان له أخوات أربع ووالدة وخالة، فمرض دهراً، فقال لهن يوماً، اعلمن أني لو نظرت إلى عفراء نظرة ذهب وجعي، فذهبن به حتى نزلوا البلقاء مستخفين، فكان لا يزال يلم بعفراء، وينظر إليها، وكانت عند رجل كريم سيد كثير المال والغاشية.
فبينا عروة يوماً بسوق البلقاء، إذ لقيه رجل من بني عذرة فسأله عن حاله ومقدمه، فأخبره. قال: والله لقد سمعت انك مريض، وأراك قد صححت. فلما أمسى الرجل دخل على زوج عفراء فقال: متى قدم عليكم هذا الكلب الذي قد فضحكم؟ فقال زوج عفراء: أي كلب هو؟ قال: عروة! قال: أوقد قدم؟ قال: نعم! قال: أنت والله أولى بها منه أن تكون