على أحمد بن كليب.
وقد كان غلامه دخل عليه، إذ رآنا من أول الزقاق، مبشراً، فلما رآني دونه تغير وجهه وقال: وأين أبو الحسن؟ فأخبرته بالقصة، فاستحال من وقته، واختلط، وجعل يقول ويتكلم بكلامٍ لا يعقل منه أكثر من الترجع، فاستبشعت الحال، وجعلت أترجع وقمت، فثاب إليه وجهه، وقال: أبا عبد الله! قلت: نعم! قال: اسمع مني، واحفظ عني. ثم أنشأ يقول:
أسْلمُ يَا رَاحَةَ العَلِيلِ، ... رِفقاً على الهَائمِ النّحِيلِ.
قال: فقلت: اتق الله، ما هذه الكبيرة؟ فقال لي: قد كان. فخرجت عنه، فوالله ما توسطت الزقاق حتى سمعت الصراخ عليه وقد فارق الدنيا.
قال لنا أبو محمد علي بن أحمد: وهذه قصة مشهورة عندنا. ومحمد بن الحسن ثقة، ومحمد بن خطاب ثقة، وأسلم هذا من بني خلف وكانت فيهم وزارة وحجابة، وهو حاجب الديوان المشهور في غناء زرياب، وكان شاعراً، وابنه الآن في الحياة يكنى أبا الجعد.
قال أبو محمد: ولقد ذكرت هذه الحكاية لأبي عبد الله محمد بن سعيد الخولاني الكاتب، فعرفها، وقال: لقد أخبرني الثقة أنه رأى أسلم هذا في يوم شديد الكطر لا يكاد أحد يمشي في طريق، وهو قاعد على قبر أحمد بن كليب المذكرو زائراً له قد تحين غفلة الناس في مثل ذلك النهار.