سنة، ويأتيني كل يومٍ بخبرها، ويقوتني، حفظه الله، من عنده. فقلت له: إني أصير إلى أهلاه، فأخبرهم بما رأيت، قال: أنت وذاك.
فانصرفت، وصرت إلى أهل الجارية، فخبرتهم بحال الفتى، وما رأيت منه، وحدثتهم حديثه، فرقوا له فزوجوه بحضرتي، ورجعت إليه عامداً لأفرج عنه لما رأيت منه، فلما أخبرته الخبر، حدد النظر إلي، ثم تأوه تأوهاً شديداً بلغ من قلبي، ثم انشأ يقول:
الآنَ إذ حَشْرَجتْ نَفسِي وَحاصرَها ... فِرَاقُ دُنْيا، وَنَادَاهَا مُنَاديها.
ثم زفر زفرةً، فمات، فدفنته في موضعه ثم انصرفت فأعلمتهم الخبر، فأقامت الجارية ثلاثاً لا تطعم طعاماً ثم ماتت.
أخبرنا أبو محمد الحسن علي الجوهري، حدثنا أبو عمر محمد بن العباس، حدثنا محمد بن القاسم الأنباري: أنشدني أبي عن بعض أصحابه لأبي نواس:
إنّ في وَصْلِ مَنْ أُحبّ دَوَائي، ... وَبِكَفَّيْهِ، إنْ أحَبَّ، شِفَائي.
إنْ أمُتْ ضَيْعَةً، فَلَم أجنِ ذَنباً، ... من حَبِيب أمَاتَ حُسنَ عَزَائي.
كُلَّ يَوْمٍ يُذِيقُني غُصَصَ المَوْ ... ت بِصَدٍّ يُرِيشُهُ بِالجَفَاءِ.