وجدت بخط أبي عمر بن حيويه ونقلته منه قال: حدثنا أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان، أخبرني صالح بن يوسف المحاربي قال: أخبرني أبو عثمان المازني، أخبرنا العتبي عن شبابة بن الوليد العذري أن فتىً من بني عذرة، يقال له أبو مالك بن النضر، كان عاشقاً لابنة عم له عشقاً شديداً، فلم يزل على ذلك مدة، ثم إنه فقد بضع عشرة سنة، ولم يحس له خبر.
قال شبابة بن الوليد: فضلت إبل لي، فخرجت في طلبها، فبينا أنا سير في الرمال إذا بهاتف يهتف بصوت ضعيف، وهو يقول:
يا ابنَ الوَليدِ ألا تحمونَ جارَكمُ، ... وَتَحفَظُونَ لَهُ حَقّ القَرَابَاتِ.
عَهدي إذا جارُ قَوْمٍ نابَهُ حَدَثٌ ... وَقَوْهُ مِنْ كلّ أضرَارِ المُلِمّاتِ.
هذا أبو مَالك المُمْسَى بِبَلْقَعَةٍ، ... مَعَ الضّبَاعِ وَآسَادٍ بِغَابَاتِ.
طَلِيحُ شَوْقٍ بِنَارِ الحُبّ محترِقٌ ... تَعْتَادُهُ زَفَرَاتٌ إثْرَ لَوْعَاتِ.
أمّا النّهَارُ فَيُضْنِيهِ تَذَكّرُهُ، ... وَاللّيلُ مرْتَقِبٌ للصّبحِ هل يأتي؟
يهذي بجارِيةٍ من عُذْرَةَ اختَلَسَتْ ... فُؤادَهُ، فَهْوَ مِنْهَا في بَلِيّاتِ.
فقلت: دلني عليه، رحمك الله، فقال: نعم، اقصد الصوت، فلما قصدت غير بعيد سمعت أنيناً من خباء فأصغيت إليه، فإذا قائل يقول:
يَا رَسِيسَ الهَوَى أذَبتَ فُؤادِي، ... وَحَشَوْتَ الحَشَا عَذاباً ألِيمَا.
فدنوت منه، فقلت: أبو مالك؟ قال: نعم! قلت: ما بلغ بك ما أرى؟ قال: حبي سعاد ابنة أبي الهيذم العذري، فشكوت يوماً إلى ابن عم لنا من الحي ما أجد من بها، فاحتملني إلى هذا الوادي، منذ بضع عشرة