وجدت بخط أحمد بن محمد بن الأبنوسي ونقلته من أصله قال: حدثنا أبو محمد علي بن عبد الله بن المغيرة قال: حدثنا جدي قال: حدثنا أبو عمر العمري قال: حدثنا عبد الملك بن قريب عن غياث بن الحارث السهمي قال: حدثني زيد بن عمارة النهدي قال: اصطدت خشفاً فأوثقته، وحملته، ثم اقبلت به، إذ استقبلني غلام كأنه فلقة قمرٍ له ضفيرتان قد قاربتا عجيزته، فلما رأى الخشف، وقف ينظر إليه وتنفس الصعداء، ثم أنشأ يقول، وهو يبكي:
وَذَكّرَني مَنْ لا أبُوحُ بِذِكْرِهِ، ... مَحَاجِرُ ظَبيٍ في حَبَائِلِ قانِصِ.
فَقُلتُ، وَدَمعُ العَينِ يَجرِي بحُرْقَةٍ، ... وَلحظي إلى عَيْنَيْهِ لحْظَةُ شَاخِصِ:
ألا أيّهَذَا القَانِصُ الظّبيَ خَلِّهِ! ... وَإنْ كُنْتَ تَأبَاهُ، فَمُرْ بقَلائصي.
خَفِ اللهَ لا تَحْبِسهُ! إنّ شَبِيهَهُ ... حَيَاتي، وَقد أرْعَدتَ فيه فَرَاقي.
قال: ثم بكى، قال: فقلت: دونكه يا فتى فهو لك، قال: فعمد إليه فحله، ثم قبل عينيه، ثم ارسله.
قال: فمر الظبي وأتبعه بصره يبكي في أثره، قال: ثم سكن فقلت: يا فتى ألك حاجةٌ؟ قال: نعم! قلت: ما هي؟ قال: تبلغ معي الحي. قال: فوصلت معه المنزل، قال: فلما كان من الغد، إذا به يسوق عشراً من الإبل حتى وقف علي، فقال: دونكها، فامتنعت، فأبى إلا قبولها.
قال: فسألت عنه، فقالوا: هذا فتى يهوى فتاة من الحي.