مصارع العشاق (صفحة 221)

فأخذ الراعي الخاتم، فلما حلبت العنز طرح الخاتم في القدح، فانطلقت به الجارية، وتركته بين يديها، فلما سكنت رغوته، اخذته، فشربته، وكذلك كانت تصنع، فقرع الخاتم ثنيتها، فأخذته، واستضاءت به بالنار، فعرفته، فقالت للجارية: ما هذا؟ فقالت: ما لي به علم، فأرسلتها إلى مولاها، وهو في شربٍ بنجران، فأقبل فزعاً، فقال لها: لم دعوتني؟ فقالت: ادع عبدك راعي غنمك، فدعاه، فقالت: سله أين وجد هذا الخاتم؟ فقال: وجدته مع رجل في كهفي جبارٍ، فقاللي: اطرحه في اللبن الذي تشربه أسماء، فإنك تصيب به خيراً، وما أخبرني من هو، ولقد تركته في آخر رمق.

فقال زوجها: وما هذا الخاتم؟ قالت: هذا خاتم مرقش، فأعجل الساعة في طلبه، فركب فرسه وحملها على فرس وسارا حتى طرقاه من ليلته، فاحتملاه فمات عند أسماء، وقال قبل أن يموت:

سَمَا نَحْوِي خَيَالٌ من سُلَيمَى، ... فأرّقَني، وَأصْحَابي هُجُودُ.

فَبِتّ أدِيرُ أمْرِي كُلَّ حَالٍ، ... وَأذْكُرُ أهْلَهَا، وَهمُ بَعِيدُ.

عَلى أنْ قَدْ سَمَا طَرْفي لِنَارٍ، ... يُشَبّ لهَا بِذِي الأرْطَى وَقُودُ.

حَوَالَيْهَا مَهاً بِيضُ التَّرَاقي، ... وَآرَامٌ وَغِزْلانٌ رُقُودُ.

نَوَاعِمُ لا تُعَالِجُ بُؤسَ عَيشٍ، ... أوَانِسُ لا ترُوحُ، وَلا تَرُودُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015