حدث جعفر الخالدي قال: حدثنا أحمد بن مسروق قال: حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا عبد الله بن الفرج العابد قال: كان بالموصل رجل نصراني يكنى أبا إسماعيل، قال: فمر ذات ليلة برجل، وهو يتهجد على سطحه، ويقرأ: وله أسلم من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً، وإليه ترجعون. قال: فصرخ أبو إسماعيل صرخةً وغشي عليه، فلم يزل على حاله تلك، حتى أصبح، فلما أصبح أسلم، ثم أتى فتحاً الموصلي فاستأذنه في صحبته، فكان يصحبه ويخدمه.
قال: وبكى أبو إسماعيل حتى ذهبت إحدى عينيه وغشي على الأخرى.
فقلت له ذات يوم: حدثني ببعض أمر فتحٍ.
قال: فبكى ثم قال: أخبرك عنه، كان والله كهيئة الروحانيين معلق القلب بما هناك، ليست له في الدنيا راحةٌ.
قلت: على ذاك؟
قال: شهدت العيد ذات يوم بالموصل، ورجع بعدما تفرق الناس، ورجعت معه فنظر إلى الدخان يفور من نواحي المدينة، فبكى ثم قال: قد قرب الناس قربانهم، فليت شعري ما فعلت في قرباني عندك أيها المحبوب! ثم سقط مغشياً عليه، فجئت بماء فمسحت به وجهه، فأفاق ثم مضى حتى دخل بعض أزقة المدينة، فرفع رأسه إلى السماء ثم قال: قد علمت طول غمي وحزني وتردادي في أزقة الدنيا، فحتى متى تحبسني أيها المحبوب؟ ثم سقط مغشياً عليه، فجئت بماء، فمسحت على وجهه، فأفاق فما عاش بعد ذلك إلا أياماً، حتى مات، رحمه الله.