مصارع العشاق (صفحة 199)

بيت لمقة، قالت: ففتح لها باب شاع منه شعاع استنار من ضوء نوره ما بين يدي وما خلفي، وقالت لي: ادخلي، فدخلت إلى بيت يحار فيه البصر تلألؤاً وحسناً، ما أعرف له في الدنيا شبيهاً أشبهه به.

فبينا نحن نجول فيه إذ رفع لنا باب ينفذ منه إلى بستان، فأهوت نحوه أنا معها، فتلقانا فيه وصفاء كأن وجوههم اللؤلؤ، بأيديهم المجامر، فقالت لهم: أين تريدون؟ قالوا: نريد فلاناً قتل في البحر شهيداً.

قالت: أفلا تجمرون هذه المرأة قالوا: قد كان لها في ذلك حظ فتركته.

قالت: فارسلت يدها من يدي، ثم أقبلت علي فقالت:

صَلاتُكِ نورٌ والعِبادُ رُقودُ ... ونوْمك ضِدٌّ للصّلاة عنيدُ.

وعمرُك غُنْم إن عقلتِ ومهلةٌ ... يسيرُ ويفنى دائماً ويبيدُ.

ثم غابت من بين عيني، واستيقظت حين تبدى الفجر، فوالله ما ذكرتها فتوهمتها إلا طاش عقلي، وأنكرت نفسي. قال: ثم سقطت رابعة مغشياً عليها.

معاذة وغايتها من صلاتها

أخبرنا أبو الحسين أحمد بن علي قال: حدثنا محمد بن عبد الله قال: حدثنا الحسين قال: حدثنا عبد الله قال: حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا يحيى بن بسطام قال: حدثنا عمران بن خالد قال: حدثتني أم الأسود بنت زيد العدوية، وكانت معاذة قد أرضعتها، قالت:

قالت لي معاذة، لما قتل أبو الصهباء وقتل ولدها: والله يا بنية! ما محبتي للبقاء في الدنيا للذيذ عيشٍ، ولا لروح نسيم، ولكني والله أحب البقاء لأتقرب إلى ربي، عز وجل، بالوسائل لعله يجمع بيني وبين أبي الصهباء وولده في الجنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015