أخبرنا أبو بكر الأردستاني محمد بن أحمد بمكة قال: حدثنا أبو القاسم بن حبيب المذكر.
قالك سمعت الحاكم الحسين بن محمد يقول: سمعت إبراهيم بن فاتك يقول: سمعت يوسف بن الحسين يقول: سمعت ذا النون المصري يقول: خرجت يوماً بكرةً إلى مقابر عبد الله بن مالك فرأيت شخصاً مقنعاً كلما رأى قبراً منخسفاً وقف عليه، فإذا هو سعدون، فقلت: أي شيء تصنع ههنا؟ فقال: إنما يسأل عما أصنع من أنكر ما أصنع، فأما من عرف ما أصنع، فما يغني سؤاله، فقلت: يا سعدون تعال نبك على هذه الأبدان قبل أن تبلى! فقال: البكى على القدوم على الله، عز وجل، أولى بنا من البكى على الأبدان، فإن يكن عندها خير، فخيرها عند ربها أكثر من بلاها، وإن يكن عندها شر، فشرها عند ربها من بلاها في القبور، فليتها تركت تبلى في القبور، ولم تبعث للحساب.
يا ذا النون إنك إن تدخل النار فلا ينفعك في النار دخول غيرك الجنة. وإن تدخل الجنة لا يضرك دخول غيرك النار.
ثم قال: يا ذا النون! وإا الصحف نشرت، ثم صاح: وا غوثاه بالله، ماذا نقابله في الصحف؟ قال: فغشي علي غشية، فلما أفقت إذا هو يسمح وجهي بكمه، ويقول: يا ذا النون! من اشرف منك غن مت مكانك هذا؟ قال محمد بن الصباح: وقرات على قميص سعدون:
عينِ فابكي عليّ، قبل انطلاقِ، ... بدُموعٍ تَمَلّ مِنها المآقي.
وانظري مصرَعي، فقد قُضيَ الأمْ ... رُ ونوحي عليّ قبل الفِرَاقِ.