صلاة الغداة، فقام إلى جانبي في الصف، فسمعته يدعو بعدما فرغ من الصلاة، وهو يقول: اللهم لا تجمع علي كرب الدنيا وعذاب الآخرة، وعجل خروجي عن الدنيا سالماً منها غل رضاك ومغفرتك، وارحم غربتي، وأجب دعوتين واجمع بيني وبين من أحبني فيك، وأحببته لك، ولا تفرق بيني وبينه، واجعل اجتماعنا في محل الفائزين.
ثم قال: أقسمت عليك ألا فعلت. ثم خر ساجداً فظننت أنه قد سجد وأطال السجود، فدنوت منه، فحركته، فإذا هو قد قضى، فدفنته إلى جنب صاحبه، فكنا حيناً من الدهر نتحدث بحديثهم، وبما وهب الله، عز وجل، لهم من الاجتماع في الدنيا والآخرة، وبما أفضوا إليه من الكرامة والرحمة.
قال: فمكثت سنين أتمنى أن أرى واحداً منهم في منام، فرأيت عبد العزيز بن الشاه، وعليه ثياب خضر، وهو يطير بين السماء والأرض، فناديته، فوقف، فقلت: ما عل الله بك؟ قال: غفر لي.
قلت: بماذا غفر لك؟ قال: بقول الناس في ما لا يعلمون وبرميهم إياي بالإفك والظنون.
قلت: فما فعل محمد بن الحسن؟ قال: جمع الله بيني وبينه، وأنا وهو في درجة واحدة.
قلت: فما فعل أبو عبد الله الديلمي؟
3ا - ل: هيهات! ذاك رجل أبيح له الجنة، فهو يسرح فيها، ويحل منها حيث يشاء.
قلت: وبم ذاك؟ قال: بما سبق له من السعادة، وبفضل أجر الشهادة، وبحفظه لفرجه عن الحرام، وطرفه ولسانه عن الآثام.