بارك الله فيكم؟ فقالوا: محن خلقنا لك.
ثم مضى بي إلى بيت لا أدري من ياقوت أو زبرجدٍ أو لؤلؤ، فخرج إلي غلمان مشمرين سوى الأولين فقالوا مثل ما قال الأولون، وقلت لهم مثل ذلك، فوقف بي على باب البيت، فإذا بيت مبسوط فيه فرش موضوعة بعضها فوق بعض ونمارق مبسوطة، فأدخلني البيت، وفيه بابان، فألقيت نفسي بين الوسادتين، فقال: أقسمت عليك إلا ألقيت نفسك فوق هذه الفرش، فإنك قد نصبت في يومك هذا. فقمت فاضطجعت على تلك الفرش على وطاء لم أضع جنبي على مثله قط.
فبينا أنا كذلك إذ سمعت حساً من أحد البابين، فإذا أنا بامرأة لم أر مثل جمالها، وعليها حلي وثياب لم ار مثلها، وأقبلت حتى وقفت علي، ولم تتخط تلك النمارق، ولكن أقبلت بين السماطين حتى وقفت وسلمت، فرددت عليها السلام. فقلت: من أنت، بارك الله فيك؟ فقالت: أنا زوجتك من الحور العين، فضحكت فرحاً بها، فأقامت تحدثني، وتذكرني أمر نساء أهل الدنيا، كأن ذلك معها في كتاب.
فبينا أنا كذلك إذا سمعت حساً من الشق الآخر، فإذا أنا بامرأة لم أر مثلها ولا مثل حليها وجمالها، فأقبلت، حتى وقفت كنحو ما صنعت صاحبتها، ثم مكثت تحدثني، فأقصرت الأخرى، فأهويت بيدي إلى أحداهما، فقالت: تأن لم يأن لك، إن ذلك مع صلاة الظهر، فما أدري أقالت ذلك أم رمي بي إلى صحراء، فلم أر منهم أحداً، فبكيت عند ذلك.
فقال الرجل: فما صليت الظهر أو عند الظهر، حتى قبضه الله، عز وجل.