كنّا من المَساعِده، ... نحيا بنفسٍ واحده.
فمات نِصْفُ نفسي ... حينَ ثَوَى في الرَّمسِ.
فَما بَقائي بعدَه ... وشَطرُ نفسي عندَه.
فَهَلْ سَمِعتُم قَبلي ... في مَنْ مَضى بِمِثلي.
عاشَ بِنِصْفِ روحِ ... في بَدَنٍ صَحِيحِ.
ثم تنحين وقلن لبعض الخدم: كم عندك منهن؟ قال: أربعة. قلن: ائت بهن، فلم ألبث إلا قليلاً حتى طلع بقفصٍ فيه أربعة غربان مكتفة، فوضع القفص بين أيديهن، فدعون بعيدان، فأخذت كل واحدة منهن عوداً فغنت:
لَعَمري! لقد صاحَ الغُرَابُ بِبَنيهِم، ... فأوجَعَ قلبي بالحديثِ الذي يُبدي.
فقلتُ له: أفصحتَ لا طِرْتَ بعدها، ... بِريشٍ، فهل للقَلبِ ويحَكَ من رَدّ!.
ثم أخذن واحداً من الغربان فنتفن ريشه حتى تركنه كأن لم يكن عليه ريش قط، ثم ضربنه بقضبان معهن لا أدري ما هي حتى قتلنهن ثم غنت:
أشاقَكَ، والليلُ ملقي الجِرَانِ، ... غُرَابٌ يَنوحُ على غُصْنِ بانِ.
أحصُّ الجَناحِ، شديدُ الصّيَاحِ، ... يَبكي بِعَيْنَينِ ما تهملانِ.
وفي نَعَبَاتِ الغُرَابِ اغْترَابٌ، ... وفي البانِ بَينٌ بعيدُ التّداني.
ثم أخذن الثاني فشددن في رجليه خيطين وباعدن بينهما وجعلن يقلن له: أتبكي بلا دمع وتفرق بين الألاف، فمن أحق بالقتل منك؟