أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد العتيقي قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه الخزاز قال: حدثنا محمد بن خلف بن المرزبان قال: حدثني محمد بن عبد الله الأهوازي قال: أخبرني بعض أهل الأدب أن بعض البصريين أخبره قال: كنا لمة نجتمع ولا يفارق بعضنا بعضاً، وكنا على عدد أيام عند أحدنا، فضجرنا من المقام في المنازل، فقال بعضنا: لو عزمتم فخرجنا إلى بعض البساتين، فخرجنا إلى بستان قريب منا، فبينا نحن فيه إذ سمعنا ضجةً راعتنا، فقلت للبستاني: ما هذا؟ فقال: هؤلاء نسوة لهن قصة، فقلت له أنا دون أصحابي: وما هي؟ قال: العيان أكبر من الخبر، فقم حتى أريك وحدك. فقلت لأصحابي: أقسمت ألا يبرح أحد منكم حتى أعود. فنهضت وحدي، فصعدت إلى موضع أشرف عليهن، وأراهن، ولا يرينني، فرأيت نسوةً أربعاً كأحسن ما يكون من النساء وأشكلهن، ومعهن خدم لهن وأشياء قد أصلحت من طعام وشراب وآلة، فلما اطمأن بهن المجلس، جاء خادم لهن، ومعه خمسة أجزاء من القرآن، فدفع إلى كل واحدةٍ منهن جزءاً ووضع الجزء الخامس بينهن، فقرأن أحسن قراءة، ثم أخذن الجزء الخامس فقرأت كل واحدة منهن ربع الجزء، ثم أخرجن صورةً معهن في ثوب دبيقي فبسطنها بينهن فبكين عليها ودعون لها، ثم أخذن في النوح، فقالت الأولى:
خلسَ الزّمانُ أعَزَّ مختَلَسِ، ... ويَدُ الزّمَانِ كثيرَةُ الخَلَسِ.
للهِ هالكةٌ فُجِعْتُ بِهَا، ... ما كانَ أبعَدَها من الدّنَسِ.
أتَتِ البِشَارَةُ والنّعيُّ بِهَا، ... يَا قُرْبَ مأتَمِهَا من العُرُسِ.