بَيْتٌ زرَارَةُ محْتَبٍ بِفِنَائِهِ ... ومُجاشِعٌ وأبو الفَوَارِسِ نهشَلُ.
قلت: نعم. قال: فضحكت، وقالت: فإن جريراً هدم عليه بيته حيث يقول:
أخْزَى الذي سَمَكَ السماءَ مُجَاشِعاً ... وأحَلّ بَيتَكَ بالحَضِيضِ الأوْهَدِ.
قال: فأعجبتني، فلما رأت ذلك في عيني قالت: أين تؤم؟ قلت: اليمامة. فتنفست الصعداء ثم قالت:
تَذَكَّرْتُ اليَمامَةَ، إنَّ ذِكري ... بِها أهلَ المُرُوءةِ والكَرَامَة.
ألا فَسَقى المَلِيكُ أجَشَّ جَوناً ... يجودُ بِسَحّهِ تلكَ اليَمامَه.
أُحيّي بالسّلامِ أبَا نجِيدٍ، ... وأهْلٌ للتّحِيّةِ والسّلامَه.
قالت: فأنست بها، فقلت: أذات خدين أنت أم ذات بعلٍ؟ فقالت:
إذا رَقَدَ النّيامُ فإنّ عَمراً ... هُوَ القَمَرُ المُنيرُ المُسْتَنيرُ.
وما لي في التّبَعّلِ من مِرَاحٍ ... ولوْ رُدّ التّبَعّلُ لي أسيرُ.
ثم سكت كأنها تسمع كلامي فأنشأت تقول:
تخيَّلَ لي، أبا كعب بن عمرو، ... بأنَّك قد حُمِلتَ على سريرِ.
فإن يكُ هكذا، يا عمرو، إني ... مُبكِّرةٌ عليكَ إلى القبورِ.
ثم شهقت شهقةً فماتت. فقيل لي: هي عقيلة بنت النجاد بن النعمان بن المنذر، وسألت عن عمرو فقيل لي: ابن عمها، وكان مغرماً بها، وهي كذلك، فدخلت اليمامة، فسألت عن عمرو، فإذا به قد مات في ذلك اليوم من ذلك الوقت.