مصنوع، لكن من الوجه الذي ذكره لنا أبو الندى1، قال: مما يدل على أن هذا الشعر مولد أنه ذكر فيه سلعًا، وهو بالمدينة، وأين تأبط شرًّا من سلع؟ وإنما قُتل في بلاد هذيل ورُمي به في غار يقال له رخمان".

أرأيت إلى إقامة الدليل كيف تكون؟ لقد أحس الأقدمون أنفسهم بضعف قول من قال إن هذه القصيدة لخلف نحلها تأبط شرًّا أو ابن أخته، فمضوا يعتسفون الطريق إلى دليل يدعمون به هذا القول، فكان دليلهم ظنًّا وتوهمًا لم يغنيا شيئًا. قال بعضهم إن في هذه القصيدة نصف بيت -نصف بيت في القصيدة كلها- فيه معنى فلسفي عميق لا يدركه الأعرابي، وما هو هذا المعنى الفلسفي العميق؟ قالوا إنه قوله: جل حتى دق فيه الأجل. فإذا كشفت عن عمق هذا المعنى لم تجده يعني شيئًا غير قوله: إن وفاة هذا الرجل لأمر عظيم يصغر بإزائه كل عظيم من الأمور. فأي عمق في هذا القول لا يدركه الأعرابي ومن هو دون الأعرابي2؛ فلما جاء من دفع هذا القول ورده لم يلبث أن هوى في مزلق دونه المزلق الأول، فقال: إن الدليل على أن هذه القصيدة مصنوعة أن الشاعر ذكر سلعًا، وأن سلعًا جبل في المدينة، ولكن الرجل المذكور في القصيدة قد قتل في بلاد هذيل!! أي عجب يربى على هذا العجب! وماذا يقول أبو الندى -الذي ذهب إلى هذا الرأي ونقله عنه أبو محمد الأعرابي-

طور بواسطة نورين ميديا © 2015