ونستطيع -بعدما بذله العلماء المختصون في الكشف عنها وقراءة حروفها- أن ندرسها دراسة توضح بعض الغموض الذي غشى تاريخ الكتابة العربية في الجاهلية.

ولن نتعرض في دراستنا للجوانب اللغوية، ولكننا سنقصر حديثنا على الجانب الخطي المتصل بصورة الحروف وأشكالها. وقد رأيت أن أقسم هذه النقوش إلى ثلاث مجموعات تتدرج تدرجًا تاريخيًّا. فالمجموعة الأولى هي نقوش القرن الثالث الميلادي؛ والمجموعة الثانية: نقوش القرن الرابع؛ والمجموعة الثالثة: نقوش القرن السادس.

وقد أهملت الإشارة إلى النقوش المؤرخة قبل القرن الثالث؛ لأنني -بعد دراستي لها بالقدر الذي أستطيعه- لم أجد فيها من الكلمات الكاملة ما تتفق صورة حروفها في الخط مع الخط العربي الإسلامي؛ وإن كان فيها من الحروف المفردة المنفصلة ما يتفق مع حروف الخط العربي، أو ما يصح أن يكون أصلًا تطورت عنه هذه الحروف لقرب الشبه بينهما.

1- نقوش القرن الثالث الميلادي:

وهي خمسة، وقد جمعتها في ضرب واحد معًا؛ لأنني رأيت أن الكلمات التي تشبه صورة حروفها في الخط صورة كلمات اللغة العربية قليلة جدًّا تتراوح في النقش الواحد بين كلمة وثلاث كلمات. وهذه النقوش جميعها لا تتصل بموضوعنا إلا من حيث هي تمهيد لنقوش المجموعتين التاليتين، وربما كانت أصلًا لهما.

أ- فالنقش الأول مؤرخ سنة 106 من سقوط سلع، أي سنة 210 للميلاد. وقد اكتشف في وادي المكتب في شبه جزيرة طورسينا. وكلماته التي تشبه صورتها صورة كلمات اللغة العربية هي: "بن" "الكلمة الرابعة في السطر الأول" و"يعلى" "الكلمة الخامسة في السطر الأول كذلك".

ب- والنقش الثاني مؤرخ سنة 126 من سقوط سلع، أي سنة 230 الميلاد. وقد اكتشف في وادي فران في شبه جزيرة طورسينا كذلك. وكلماته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015