-3-

وسيلة حفظ الشعر الهومري: الرواية الشفهية أم الكتابة؟

وقد اختلف الدارسون في هذا الموضوع كما اختلفوا في سابقه، وإن كانت شقة الخلاف هنا بطبيعتها أضيق. فقد ذهب بعضهم إلى أن القصيدتين الهومريتين لم تدونا إلا بعد نظمهما بقرون طويلة، بينما ذهب فريق آخر إلى أنهما دونتا منذ أن نظمتا. فمن الفريق الأول: يوسيفوس Josephus -في القرن الأول الميلادي- وهو أقدم من نعرف ممن ذهب هذا المذهب فقد قال1: "لا يمكن أن يكون الإغريق قد عرفوا في حرب طروادة هذا الاستعمال الحديث للكتابة الهجائية. ولم يكن للإغريق أدب قبل هومر، وهومر عاش بعد الحرب.

ويقولون إنه حتى هومر نفسه لم يدون شعره كتابة، ولكن هذا الشعر كان ينتقل بالرواية الشفهية، ثم جمع جمعًا من الأغاني المبعثرة؛ ومن هنا نشأت هذه الفروق التي تبدو لنا".

ومن هذا الفريق أيضًا روبرت وود2 Robert Wood -في القرن الثامن عشر- وله كتاب: صلى الله عليه وسلمssay on the Original Genius Of Homer. وقد بحث في أحد فصول كتابة هذا معرفة هومر للكتابة. وقد خلص من بحثه إلى أنه لم يكن يعرفها. ووود هو أول من بحث هذا الموضوع بحثًا نقديًّا. وقد قرأ ولف في عهد طلبه العلم في جوتنجن مقال وود، وهو يشير إليه في مقدمته التمهيدية prolegomena مثنيًا عليه. وكان لهذا المقال أكبر الأثر في ولف، بل لقد صار رأي وود في الكتابة مفتاح نظرية ولف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015