برغم ما بذلوا من جهد خصب، إلى نتيجة يستقرون عندها، ويبدو أنهم لن يصلوا مهما يبذلوا من جهد، وستبقى الآراء مختلفة متشعبة لا تتوحد ولا تكاد، وستظل الأدلة التي يقدمها الدارسون افتراضية ترجيحية لا ترقى إلى مرتبة القطع واليقين. وتدور هذه الآراء حول عدة افتراضات؛ منها:
أ- وحدة التأليف:
فقد ظل الدارسون قرونًا طوالًا يعتقدون اعتقادًا لا شك فيه بوجود شاعر اسمه هومر، وأنه هو الذي نظم الإلياذة والأوديسة لا ينازعه في نسبتهما إليه منازع. ولم يكن اليونان وحدهم في القرون الخمسة التي سبقت الميلاد -وهي القرون التي وصلتنا منها آثار أدبية مكتوبة- يذهبون مثل هذا المذهب، بل شاركهم فيه الدارسون بعد الميلاد قرونًا طويلة حتى القرن الثامن عشر الميلادي. ومع هذا فقد كانت شخصية هومر عندهم غائمة تغشيها أساطير متضاربة1. وحقًّا قد وجد نفر قليل من الشاكين غير أن أثرهم كان ضئيلًا محدودًا ولم يتبعهم أحد. وكل ما نعرفه عن هؤلاء الشاكين إشارات عابرة إلى آرائهم موجودة في حواشي نسخة البندقية من الإلياذة Codex Venetus؛ ويستخلص من هذه الإشارات العابرة إلى آرائهم أنهم كانوا يذهبون إلى أن القصيدتين من نظم شعراء مختلفين وفي عهود متعاقبة. ولكن الرأي السابق هو الرأي العرفي التقليدي الذي كان سائدًا عامًّا، حتى إن سويداس Suidas في نحو سنة 1100م كان لا يزال يرى أن الإلياذة والأوديسة نظمهما هومر دون نزاع؛ بل إن بنتلي رضي الله عنهentley في مطلع القرن الثامن عشر كان يذهب إلى أن شاعرًا كان يسمى هومر عاش في نحو 1050 ق. م كتب الإلياذة والأوديسة كلتيهما2.
والحق أن فكرة وجود شاعر واحد تاريخي اسمه هومر نظم الإلياذة قد بقيت