ولو اقتصرنا في إشارتنا إلى هؤلاء الرواة العلماء على كتاب واحد هو طبقات فحول الشعراء لمحمد بن سلام الجمحي لوجدنا أن هذه الطبقة مميزة تمييزًا واضحًا يفرقها عن غيرها من الرواة؛ فلا يكاد ابن سلام يذكر هذه الطبقة إلا يصفها بأنها "أهل العلم". فمن ذلك قوله1: "وقد تداوله قوم من كتاب إلى كتاب، لم يأخذوه عن أهل البادية، ولم يعرضوه على العلماء، وليس لأحد إذا أجمع أهل العلم والرواية الصحيحة على إبطال شيء منه ... " ويقول2: "وللشعر صناعة يعرفها أهل العلم"، و"كذلك الشعر يعرفه أهل العلم به".
ويقول3: "وكان أبو عبيدة والأصمعي من أهل العلم، وأعلم من ورد علينا من غير أهل البصرة: المفضل". ويقول4: "ثم إنا اقتصرنا بعد الفحص والنظر والرواية عمن مضى من أهل العلم". ويقول5: "أجمع أهل العلم أن النابغة لم يقل هذا". ويقول6: "ولقد أخبرني أهل العلم من غطفان". ويقول7: "كيف يروي خالد "بن كلثوم" مثل هذا وهو من أهل العلم؟ " ويقول8: "ومما يدل على ذهاب الشعر وسقوطه قلة ما بقي بأيدي الرواة المصححين لطرفة وعبيد".
وقد يقابل في الجملة الواحدة بين هؤلاء الرواة المدققين من أهل العلم وبين الرواة عامةً من غير وصف يقيدهم. فهو يقول9: " ... ثم كانت الرواة