لتفسير القرآن الكريم كانوا آنذاك يستطردون في تفسيرهم إلى ذكر أخبار العرب في الجاهلية. وأخبار سائر الأمم في قصص وأحاديث. فقد كان أبو علي الأسواري مثلًا يقص في البصرة في مسجد موسى بن سيار الأسواري ستًّا وثلاثين سنة "فابتدأ لهم في تفسير سورة البقرة فما ختم القرآن حتى مات؛ لأنه كان حافظًا للسير، ولوجوه التأويلات، فكان ربما فسر آية واحدة في عدة أسابيع كأن الآية ذُكِرَ فيها يوم بدر، وكان هو يحفظ مما يجوز أن يلحق في ذلك من الأحاديث كثيرًا. وكان يقص في فنون من القصص ويجعل للقرآن نصيبًا من ذلك1". والأمر الثاني أن هؤلاء القصاص لم يكونوا يكتفون بذكر الأخبار مجردة، وإنما كانوا يتمثلون في وعظهم، ويستشهدون على قصصهم، بشعر جاهلي2.

ويبدو أن هؤلاء القصاص قد بدءوا قصصهم من عهد مبكر إذ يُذكر أن أول من قص كان الأسود بن سريع التميمي، وكان من الصحابة، وكان يقول في قصصه في الميت3:

فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة ... وإلا فإني لا إخالك ناجيَا

فسرقه الفرزدق!

ولو وقفنا قليلًا عند أخبار عبيد بن شرية التي ذكرنا أنه ألقاها في مجالس معاوية وسمره، لوجدنا فيها كثيرًا من الشعر الجاهلي. بعضه صحيح منسوب إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015