أخذ عنه يونس بن حبيب شرح قول امرئ القيس "صفر الوطاب"1.
وكان يونس يأخذ عنه كذلك الغريب، فقال له رؤبة يومًا: حتى متى تسألني عن هذه الأباطيل وأزوقها لك! أما ترى الشيب قد بلع في رأسك ولحيتك؟ وروى عنه أبو عمرو بن العلاء أبياتًا لامرئ القيس فاضل بينها ونقدها2.
وكان ذو الرمة راوية الراعي3، يروي شعره ويجعله إمامًا4، وكان كذلك يؤخذ عنه بعض الشعر الجاهلي، فقد أخذ عنه يونس بن حبيب قصيدة عبيد بن الأبرص الحائية التي يصف فيها المطر، وجعلها يونس، من أجل ذلك، لعبيد، وإن كان المفضل صرفها إلى أوس بن حجر5.
ومما يدل على معرفة ذي الرمة بالشعر الجاهلي معرفة دقيقة، وطول نظره فيه، ما رُوي من أن حمادًا الراوية قدم على بلال بن أبي بردة البصرة، وعند بلال ذو الرمة، فأنشده حماد شعرًا مدحه به، فقال بلال لذي الرمة6: كيف ترى هذا الشعر؟ قال: جيدًا، وليس له. قال: فمن يقوله؟ قال: لا أدري إلا أنه لم يقله. فلما قضى بلال حوائج حماد وأجازه ... قال: أنت قلت ذلك الشعر؟ قال: لا. قال: فمن يقوله؟ قال: بعض شعراء الجاهلية، وهو شعر قديم وما يرويه غيري. قال: فمن أين علم ذو الرمة أنه ليس من قولك؟ قال: عرف كلام أهل الجاهلية من كلام أهل الإسلام.