وتجارة خارجية عالمية. وكان لا مفر من أن تقوم طبقة اجتماعية رابعة بجانب الطبقات الثلاث المتقدمة.
وكانت ثمة حرف صغير، وصناعات كثيرة، تتناول من الأمر دقيقها وجليلها، وكانت بعض المدن تختص بضرب من هذه الصناعات دون غيره، فتشتهر به، ويؤمها الناس يتعلمون هذه الصناعة من أهلها، ثم يعودون إلى موطنهم بطريف لم يكونوا يعهدونه1. وكان لا بد من أن يقوم على هذه الحرف والصناعات رجال مختصون: من العرب الخلص، ومن الرقيق المجتلب، فكانت منهم جميعًا طبقة اجتماعية خامسة، ذات طور حضاري يختلف عن الطبقات السابقة.
ولعل آخر هذه الطبقات هؤلاء السادة المترفون من الملوك والأمراء والحكام والأثرياء ممن كان يجتمع لهم السلطان والمال.
-2-
والقبيلة عند العرب في حاجة إلى دراسة مستفيضة خاصة، لا يتسع لها مثل هذا العرض التمهيدي، وبحسبنا أن نشير إلى أن الشائع المتعارف أن القبيلة كانت في الجاهلية جماعات من الأعراب البدائيين: يسكنون الخيام ويقطنون الصحراء، لا هم لهم إلا الغزو وانتجاع الكلإ. وقد يصدق ذلك على بعض تلك القبائل، أو على أقسام منها. غير أن الذي لا يتطرق إليه ريب، فيما نرى، أن قبائل كثيرة كان منها من يسكن في الحواضر والقرى مستقرًّا ثابتًا: فالأوس والخزرج