في مثل هذه الكتب التي سميت كتب العلم.

وقد عُني بعض الدارسين المحدثين بدراسة الأمثال عند العرب ومقابلتها بالأمثال عند الأمم القديمة وخاصة الساميين. ومن هؤلاء الدكتور عبد المجيد عابدين1 الذي تحدث في أحد فصول رسالته عن الصلات الثقافية بين بلاد الشرق القديم، وخاصة الحكمة والمثل2، وانتهى إلى قوله3: "ولم تكن العلاقة بين العرب وأصحاب هذه الحكم ضعيفة واهية، فقد أشارت النقوش البابلية غير مرة إلى صلات ملوك بابل وآشور ببلاد العرب، وكان بعض شخصيات سفر أيوب من أصل عربي. وفي عصور ما بعد الميلاد أخذت الثقافة الآرامية تغزو مناطق عدة من شبه الجزيرة العربية كما رأينا فيما سبق. وكانت الحكمة اليونانية قد انتشرت في مدارس الرها وجنديسابور والحيرة على أيدي علماء السريان الذين بدءوا منذ حوالي 300 سنة بعد الميلاد ينقلون هذه الحكمة، وواصلوا حركتهم إلى سنة 700م أي إلى عصر بني أمية في تاريخ المسلمين. وكان السريان في القرن الخامس الميلادي يبشرون بالمسيحية في الحبشة على المذهب القائل بالطبيعة الواحدة، وهو المذهب الذي اعتنقه الغساسنة في الشام. وكانت الصلات بين الحبشة واليمن قديمة ومستمرة. وبذلك أحدقت الآثار الكتابية ببلاد العرب وتسربت هذه الآثار إليها من الشرق والغرب والجنوب والشمال، وتعاونت جهود السلطات الحاكمة في العراق والشام واليمن، في الجاهلية، على تشجيع هذه الدعوات الكتابية ماديًّا وأدبيًّا. وفي فورة هذه الدعوات نشطت حكمة العرب، في مناطق مختلفة من شبه الجزيرة. وفي الوقت الذي كانت فيه الحكمة الشعبية تلاقي ازدهارًا على أيدي العراقيين، وتجد تغاضيًا من جانب الغساسنة وسادة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015