وتابعهم فيها التابعون، حتى وصلت إلى ما نعرف من أوائل كتب التفسير التي بين أيدينا.
فقد مر بنا أن كتب عبد الله بن عباس بلغت حمل بعير، وأن كُرَيبًا وضعها عند موسى بن عقبة، فكان علي بن عبد الله بن عباس إذا أراد الكتاب كتب إلى موسى أن يبعث إليه بالصحيفة التي يريدها، فينسخها علي ويردها إليه. وقد أوردنا هذا النص في حديثنا عن الحديث النبوي، غير أن كتب ابن عباس هذه لم تكن كلها في الحديث، وإنما كان بعضها في التفسير وما يتصل به من أسباب النزول وأحكام القرآن: فقد كان لابن عباس كتاب في التفسير رواه عند مجاهد1، وعكرمة2. وروى عكرمة كذلك كتاب ابن عباس في نزول القرآن3. أما كتاب ابن عباس في أحكام القرآن فقد رواه عنه الكلبي4.
وممن كتب التفسير أيضًا عروة بن الزبير، وقد مر بنا أن عروة كتب الحديث كذلك. ونجد في سيرة ابن هشام5 وطبقات ابن سعد6 قطعة طويلة من تفسيره تتضمن ما يتصل بالآيات من حوادث تاريخية وأسباب النزول.
وذلك أن ابن أبي هنيدة7 صاحب الوليد بن عبد الملك كتب إلى عروة بن الزبير يسأله عن قول الله عز وجل:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ} 8 فكتب إلى عروة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان صالح قريشًا يوم