ألهى قصيا عن المجد الأساطير ... ورشوة ما تُرشَى السفاسير
وأكلها اللحم بحتًا لا خليط له ... وقولها: رحلت عير، أتت عير
وذكروا أن النعمان بن المنذر ولَّى بعض الأعراب باب الحيرة مما يلي البرية، فصاد الأعرابي ضبًّا، فبعث به إلى النعمان وكتب إليه1:
جبى المال عمال الخراج وجبوتي ... مقطعة الآذان صفر الشواكل
وعين الربا والبقل حتى كأنما ... كساهن سلطان ثياب المراجل
ويبدو أن طبيعة حياة القصور في بلاط النعمان وما يكثر فيها من دس ووقيعة ووشايات كانت تضطر الشعراء إلى أن يدفعوا عن أنفسهم هذه الدسائس، فينجوا بأنفسهم مخافة الفتك بهم، ثم يقولوا شعرًا ويكتبوه ويرسلوه إلى النعمان.
فمن ذلك تلك القصائد الكثيرة التي كانت يقولها عدي بن زيد في سجنه ويكتب بها إلى النعمان2. ومن ذلك أيضًا أن النابغة -بعد أن هرب من النعمان ومكث عند آل جفنة- أرسل إلى النعمان قصائد يعتذر إليه بها، ويحلف له: أنه ما فرط منه ذنب3.
ومن ذلك أيضًا أن النعمان أمر الربيع بن زياد العبسي بالانصراف، فلحق بأهله وكتب إلى النعمان أبياتًا يعتذر فيها، وهي4:
لئن رحلت جمالي إن لي سعة ... ما مثلها سعة عرضًا ولا طولا