بعض شعره. أما الأدلة الصريحة المباشرة فتتمثل في هذه الروايات والنصوص التي لممنا نثارها. وجمعنا متفرقها. وننظمها الآن في سلك واحد لنرى أنها واضحة صريحة في أن بعض الشعر الجاهلي كان يقيد. سواء أكان الذين يقيدونه هم الشعراء الجاهليين أنفسهم بخط يدهم أم كان هؤلاء الشعراء يستكتبون غيرهم لتقييد شعرهم.

وقد لحظنا -بعد أن جمعنا مادة هذا الفصل- في هذه الروايات والنصوص أمرين؛ الأول: أن أكثرها يشير إلى أن هذا الشعر المقيد بالكتابة إنما كان رسائل يبعث بها الشاعر، ومع ذلك فقد عثرنا على روايات قليلة تشير إلى تقييد الشعر للحفظ. والثاني: أن هذه الرسائل الشعرية كانت شيئًا مألوفًا في العصور الإسلامية، وبين أيدينا أخبار ونصوص عنها في زمني عمر ومعاوية خاصةً. وحسبنا أن نشير إلى مواطنها1. ونحب أن نقدم بخبرين من صدر الإسلام ثم ننتقل إلى أخبار الجاهلية نفسها ونصوصها:

فقد اجتمع الأنصار في مجلس2، فتذاكروا هجاء النجاشي إياهم، فقالوا: من له؟ فقال الحارث بن معاذ بن عفراء: حسان له ... فتوجه نحوه. والقوم كلهم معظم لذلك، حتى دق عليه الباب ... فلما دخل عليه كلمه. فقال: أين أنتم عن عبد الرحمن؟ قال: إياك أردنا، قد قاوله عبد الرحمن فلم يصنع شيئًا. فوثب، وقال: كن وراء الباب، واحفظ ما ألقي ... فدخل وهو يقول:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015