بالحسان ما أورده أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني، وأبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي وغيرهما من الأئمة في تصانيفهم رحمهم اللَّه وأكثرها صحاح بنقل العدل عن العدل غير أنها لم تبلغ غاية شرط الشيخين في علو الدرجة من صحة الإسناد إذ أكثر الأحكام ثبوتها بطريق حسن، وما كان فيها من ضعيف أو غريب أشرت إليه، وأعرضت عن ذكر ما كان منكرًا أو موضوعًا).
وقد التزم البغوي إلى حدٍّ كبر بخطته التي رسمها للكتاب، لكنه أودع فيه روايات مرسلة وضعيفة، مما حدا ببعض العلماء لانتقاد أحاديث الكتاب، حتى إن الإِمام القزويني (750 هـ) رمى (18) حديثًا منها بالوضع، وقد أجاب الحافظ ابن حجر عن هذه الأحاديث، ووضع في ذلك رسالة، تَجِدُها كاملة في آخر هذه المقدمة. كما أن العلماء قاموا بتخريج أحاديث الكتاب ووضعوا في ذلك التآليف الكثيرة.
ثم إن هذا التقسيم الذي اعتمده البغوي في كتابه جعله ينزلق في كثير من الأحيان فيضع أحاديث في غير أبوابها، كما فعل في الحديث رقم (1886) و (2689).
لقد اعتمد البغوي في هذا الكتاب اصطلاحًا خاصًا للحديث الصحيح والحسن، خالف به اصطلاح جمهور علماء الحديث، فالصحيح عنده -كما يصرّح- ما أخرجه الشيخان البخاري ومسلم، والحسن ما أخرجه غيرهما من الأئمة، بينما جاء تعريف الحديث الصحيح عند الجمهور على ما يذكره ابن الصلاح في "مقدمته" بأنه: (الحديث المسنَد الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط إلى منتهاه، ولا يكون شاذًا ولا معللًا) (?).