الراوي من الصحابة، ولا من خرَّج هذه الأحاديث من الأئمة الذين استخرج أحاديثه عليهم، وأحيانًا قليلة، يذكر اسم الصحابي ليميز حديثه عن حديث صحابي آخر في الباب نفسه، وفي ذلك يقول الخطيب التبريزي (737 هـ) في مقدمة "مشكاة المصابيح": (ولما سلك رضي اللَّه عنه طريق الاختصار وحذف الأسانيد، تكلم فيه بعض النقاد، وإن كان نقله -وإنه من الثقات- كالإِسناد). وللوقوف على أسانيد أحاديثه، يمكن الرجوع لسائر مصنّفاته كـ"شرح السنّة" الذي اشتمل على كثير من أحاديث الكتاب مُسْنَدَةً، وتفسيره "معالم التنزيل" وغيرها.
اختلفت ألفاظ أحاديث الكتاب في نُسَخِهِ، كما اختلفت عن مصادر الأئمة الذين خرّجوا هذه الأحاديث. ويعود السبب في ذلك -كما أشرنا سابقًا- إلى أن المصنّف خرج أحاديثه في كتابه بأسانيده وألفاظه، واختار من ألفاظه ما توافق مع ألفاظ الأئمة أو كان قريبًا منها.
أما الاختلاف في نسخه فيعود لمحاولة تصحيح أصحابها أو نُسّاخها ألفاظ الأحاديث من الكتب الستّة، وبقائها على أصلها في بعض النسخ.
اتبع البغوي منهجًا فريدًا في تصنيفه هذا الكتاب دون سائر كتبه، ولم يُسبق في هذا المنهج، ولم يتّبعه فيه أحد ممن جاء بعده، بل تعرَّض لنقد العلماء بسببه، وقد حدَّد هذا المنهج بقوله في مقدمة الكتاب: (وتجد أحاديث كل باب منها تنقسم إلى صِحاح وحِسان، أعني بالصحاح ما أخرجه الشيخان أبو عبد اللَّه محمد بن إسماعيل الجعفي البخاري وأبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري رحمهما اللَّه في جامعيهما أو أحدهما، وأعني