مصابيح الجامع (صفحة 4671)

فِي الزَّرْعِ، فَقَالَ: أَوَلَسْتَ فِيمَا شِئْتَ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ، فَأَسْرَعَ وَبَذَرَ، فَتَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ وَتَكْوِيرُهُ أَمْثَالَ الْجبَالِ، فَيقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: دُونَكَ يَا بْنَ آدَمَ؛ فَإِنَّهُ لاَ يُشْبِعُكَ شَيْءٌ"، فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لاَ تَجدُ هَذَا إِلَّا قُرَشِيّاً أَوْ أَنْصَارِيّاً؛ فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ، فَأَمَّا نَحْنُ، فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ. فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.

(فيقول الله - عز وجل -: دونك يا بن آدم؛ فإنه لا يُشبعك شيء): هذا هو الباعثُ على إدخالِ هذا الحديث في ترجمة كلام الله تعالى مع أهل الجنة.

فإن قيل: قولُه: "لا يُشبعك شيءٌ" معارَض بقولِه تعالى: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى} [طه: 118].

فالجواب: أن نفي الشبع أعمُّ من الجوع؛ لثبوت الواسطة، وهي الكفاية، وأكلُ أهلِ الجنة لا عن جوعٍ أصلاً؛ لنفي الله له عنهم.

واختُلف في الشبع، والمختار: أن لا شِبَعَ (?)؛ لأنه لو كان فيها (?)؛ لمنعَ طولُ الأكلِ المُسَتلذِّ منها مدةَ الشِّبَع، وإنما أراد بقوله (?) لابن (?) آدم: "لا يُشبعك شيءٌ": ذَمَّ تركِ القناعة مما كان فيه، وطلب (?) الزيادة عليه (?)، وروي: "لا يَسَعُكَ شَيْءٌ"؛ من الوُسْع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015