قَالَتْ: فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَكَانُوا أَهْلَ قُوَّةٍ، وَكَانَ مَعَهُمُ الْهَدْيُ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الْعُمْرَةِ. قَالَتْ: فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ: "مَا يُبْكِيكِ يَا هَنْتَاهْ؟ "، قُلْتُ: سَمِعْتُ قَوْلَكَ لأَصْحَابِكَ، فَمُنِعْتُ الْعُمْرَةَ. قَالَ: "وَمَا شَأْنُكِ؟ "، قُلْتُ: لَا أُصَلِّي، قَالَ: "فَلاَ يَضِيرُكِ، إِنَّمَا أَنْتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ كَتَبَ اللهُ عَلَيْكِ مَا كَتَبَ عَلَيْهِنَّ، فَكُونِي فِي حَجَّتِكِ، فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَكِيهَا". قَالَتْ: فَخَرَجْنَا فِي حَجَّتِهِ حَتَّى قَدِمْنَا مِنًى، فَطَهَرْتُ، ثُمَّ خَرَجْتُ مِنْ مِنًى، فَأَفَضْتُ بِالْبَيْتِ، قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجَتْ مَعَهُ فِي النَّفْرِ الآخِرِ حَتَّى نَزَلَ الْمُحَصَّبَ، وَنَزَلْنَا مَعَهُ، فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ ابْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: "اخْرُجْ بِأُخْتِكَ مِنَ الْحَرَمِ، فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ افْرُغَا، ثُمَّ ائْتِيَا هَاهُنَا، فَإِنَّي أَنْظُرُكُمَا حَتَّى تَأْتِيَانِي". قَالَتْ: فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ، وَفَرَغْتُ مِنَ الطَّوَافِ، ثُمَّ جِئْتُهُ بِسَحَرَ، فَقَالَ: "هَلْ فَرَغْتُمْ؟ "، فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَآذَنَ بِالرَّحِيلِ فِي أَصْحَابِهِ، فَارْتَحَلَ النَّاسُ، فَمَرَّ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْمَدِينَةِ.
(وحُرُم الحج): بضم الحاء والراء معًا، كذا (?) وقع لهم، وضبطه الأصيلي بفتح الراء؛ كأنه (?) يريد الأوقات والمواضع والحالات (?).
(بسَرِفَ): بفتح السين وكسر الراء وفتح الفاء، غيرُ منصرف للعلمية والتأنيث باعتبار إرادة (?) البقعة: مكانُ مقيلٍ على عشرة أميال من مكة (?).