ورد في سبب نزول الآية أن ثابت بن قيس بن شماس عمد إلى خمسمائة فجذها ثم قسمها في يوم واحد ولم يترك لأهله شيئا فنزلت. . . {وَلَا تُسْرِفُوا} [الأنعام: 141] (?) .
قال الإمام الطبري: بعد أن ساق الخلاف في معنى الآية الكريمة:
" والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله - تعالى ذكرُه - نهى بقوله:. . {وَلَا تُسْرِفُوا} [الأنعام: 141] عن جميع معاني الإسراف ولم يخصص منها معنى دون معنى، وإذا كان ذلك كذلك، وكان الإسراف في كلام العرب: الإخطاء بإصابة الحق في العطية، إما بتجاوز حده في الزيادة وإما بتقصير عن حده الواجب - كان المفرق ماله والباذله للناس حتى أجحفت به عطيته مسرفاً بتجاوزه حد الله إلى ما ليس له، وكذلك المقصر في بذله فيما ألزمه الله بذله فيه، وذلك كمنعه ما ألزمه إيتاءه منه أهل سهمان الصدقة إذا وجبت فيه أو منعه من ألزمه الله نفقته من أهله وعياله ما ألزمه منها، وكذلك السلطان في أخذه من رعيته ما لم يأذن الله بأخذه، كل هؤلاء فيما فعلوا من ذلك مسرفون " (?) .
والذي يظهر أن الإسراف مذموم حتى وإن كان في الخير، هذا هو الأصل، لكن بشرط أن يترتب على هذا الإسراف نوع إجحاف على المسرف في نفسه أو من يعول. أما إذا لم يترتب عليه شيء من ذلك فليس بسرف (?) .
قال البخاري (ت 256 هـ) في صحيحه: " باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى، ومن تصدق وهو محتاج أو أهله محتاج أو عليه دين، فالدين أحق أن يقضى من الصدقة والعتق والهبة، وهو رد عليه ليس له أن يتلف أموال الناس، وقال