ومجمل ما تقدم:
1 - أن السرف هو مجاوزة القصد وحد الاعتدال وهذا نفسه المعنى اللغوي.
غير أن هنا تفسيراً بمعناه العام وهو تجاوز القصد في كل قول أو فعل. وهو في هذا البحث مقيد بالجانب المالي أو الاقتصادي.
2 - ثم إن الإسراف في هذا الجانب يقال تارة باعتبار القدر أو الكم وتارة بالكيفية، حسب إشارة الأصفهاني السابقة.
3 - وأن ما أنفق في غير طاعة الله فهو سرف بإطلاق قل أو كثر، وهذا يدخل في الإسراف في الكيف.
4 - وما أنفق في المباحات فما تجاوز القصد فهو سرف، وهذا سرف في الكم.
5 - وأما ما أنفق في طاعة الله ففي الإسراف فيه نظر، وستأتي له إشارة.
وكأن التعريفات السابقة لا تفرق بين لفظتي السرف والإسراف، وهو الظاهر.
غير أن بعض أهل العلم يفرق بينهما فيجعل الإسراف: " ما لم يقدر على رده إلى الصلاح، والسرف: ما يقدر على رده إلى الصلاح " (?) ويرى الطبري أن الإسراف هو الإفراط، والسرف هو التقصير (?) ولم يظهر لي هذا التفريق، لذا فلن ألتزم به في البحث.
وفي سياق إبراز حقيقة السرف يرد السؤال التالي: هل الإسراف في الإنفاق في طاعة الله يعد إسرافا مذموما؟ .
لقد سبق قول بعض السلف: " ما أنفقته في طاعة الله فليس بسرف وإن كثر ".
وفي هذا المعنى قيل لحاتم الطائي: " لا خير في السرف، فقال: لا سرف في الخير " (?) .
ويذهب بعض العلماء إلى عدم مشروعية السرف في هذا لقوله تعالى:. . {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام: 141] (?) فقد