مَعْنَاهُمَا. إِذا كَانَ لَهما وَجه يَجْتَمِعَانِ فِيهِ كَقَوْل الراجز:
(شراب ألبان وتمر وأقط ... )
وَالتَّمْر والأقط يؤكلان وَلَا يشربان، ولكنهما قد اجْتمعَا فِي أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا غذَاء يتغذى بِهِ. وَكَذَلِكَ قَول الآخر:
(يَا لَيْت زَوجك قد غَدا ... مُتَقَلِّدًا سَيْفا ورمحا)
وَالرمْح لَا يتقلد، لَكِن الرمْح قد يُشَارك السَّيْف فِي أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا مَحْمُول. فَكَذَلِك الأرجل والرؤوس، وَإِن اخْتلفت فِي أَن بَعْضهَا مغسول، فقد اتّفقت فِي أَن الْغسْل وَالْمسح كِلَاهُمَا طَهَارَة.
وَالْآخر: أَن وَاو الْعَطف إِنَّمَا تشرك الثَّانِي مَعَ الأول فِي نوع الْفِعْل وجنسه، لَا فِي كيفيته وَلَا فِي كميته، فَلَمَّا كَانَت الْوَاو توجب الشّركَة فِي نوع الْفِعْل وجنسه، وَا فِي كميته، وَكَانَ الْغسْل والنضح كِلَاهُمَا يُسمى مسحا، عطفت الأرجل على الرؤوس، وَإِن اخْتلفت الكيفيتان والكميتان.
وَإِنَّمَا غلط من غلط فِي هَذَا لما سمعُوا النَّحْوِيين يَقُولُونَ: الْوَاو تشرك الأول مَعَ الثَّانِي لفظا وَمعنى، ظنُّوا أَنه يلْزم من ذَلِك تساويهما فِي الكمية والكيفية. وَذكر: " إِذا نَام أحدكُم مُضْطَجعا "