ثانيًا: قوانين مشروعة بنص الكتاب والسنة، وهذه لا يسع المسلم إلا أن يدعمها ويوافق عليها، كبعض أحكام المعاملات، وأحكام الأحوال الشخصية.
ثالثًا: قوانين سكت الشرع عنها، فلا هو منعها ولا أمر بها، وهذه يجب على النائب المسلم الذي جعل القران والسنة دليله أن يعرضها على الشرع، فما وافقه أيده، وما عارضه أنكره.
وهكذا .. نرى أن دعوى المانعين من المشاركة في المجالس التشريعية ليست مسلمة لهم على إطلاقها، فكما يسع المسلم أن ينكر ما يخالف الشرع في البيت والعمل والشارع والمسجد، فكذلك يمكنه إنكاره في المجالس التشريعية أو البرلمانية، بل إن الإنكار فيها أجدى وأبعد أثرًا في الناس والمجتمع.
ويحتجون أيضًا بقوله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً} [النساء:140]، وهذه المجالس فيها أناس يتطاولون على شرع الله وستهزءون به ويخوضون في آيات الله، كونها تضم شرائح حزبية متعددة، وبجلوس المسلم معهم يكون مثلهم.
وهذا لا حجة لهم فيه؛ لأن النهي عن مجالسة المستهزئين هو المقرون بالسكوت عن استهزائهم وكفرهم، أما الرد عليهم وتسفيه أقوالهم وأحلامهم، فهذا واجب المسلم في أي مجلس.
وهم يرون أيضًا أن المشاركة تكريس للنظام الحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله. وهذا لا حجة لهم فيه؛ لأن العمل في أي جهاز وظيفي في الدولة، أو القيام بأي نشاط اقتصادي تقوية للنظام، فالإنسان يسهم في بناء المكان الذي يتحرك فيه بنسب متفاوتة.
ويقولون أيضًا: إنه لا يمكن إقامة حكم الله في الأرض عن طريق المشاركة في هذه المجالس؛ لأن النظم الحاكمة ومن خلفها القوى الاستعمارية، لا يمكن أن تسمح للدعاة بذلك، حتى لو كانوا أغلبية، بل إنهم سينقلبون على نتائج الانتخابات كما حدث في الجزائر.