وتنادي بوجوب إزاحة بل إزالة كل عقبة تقف في وجه دعوة الإسلام، ووجوب جعل السلطان لأمة الإسلام، ثم قد مارس رسول الله صلى الله عليه وسلم كل أعمال الحكم والسيادة، من تولية الولاة، وإرسال الجيوش والبعوث، والرسل، وتنظيم الدولة، وإقامة الحدود، وعقد المعاهدات، وهذا في حال القوة، وأما في حال الضعف فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد طلب النصرة، وطلب الحماية، وقَبِلَها من الكفار ودعا إلى الله سراً، وجهراً وجاهر الكفار بالعداوة، وأنذرهم بالقتل وأعلمهم أن دينه خير الأديان وأنه سيفتح الأرض. وينال كنوز كسرى وقيصر .. وأن أمته ستكون أقوى الأمم وخيرها، وأعظمها سلطاناً وأمناً وتمكيناً .. وكل هذا في عرف الناس اليوم من الأعمال السياسية، فليسمِّه الناس ما شاؤوا سياسة أو غير ذلك إنها طبيعة الدعوة إلى الله، ومنهج القرآن، وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى الذين يكتفون بمجرد تعلم العلم الشرعي وتعليمه أن يعلموا أنهم لم يسلكوا سبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله، ولم يتبعوه حقاً وصدقاً، وإنما اشتغلوا بجزءٍ من الدين، وجانب من الإسلام.

ولا شك أن الرسول صلى الله عليه وسلم كَوَّنَ الجماعة المعاهدة المبايعة له على الموت في سبيل الله والجهاد في سبيل نصرة الدين، ونظم هذه الجماعة، وعلَّمها، ورباها على عينه وكانت هذه الجماعة بعد ذلك هي طليعة الأمة، ونواة الدولة، ونستطيع أن نطلق على جماعة الرسول صلى الله عليه وسلم الأولى (حزب الله) (?)، وقد أقام الرسول صلى الله عليه وسلم كل المؤسسات الممكنة في وقته. واستطاع بهذه الجماعة أن يهزم كل ما تجمع وتحزب أمامه من العرب واليهود والنصارى والقبائل، والأعراب، وما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا حتى كانت راية الإسلام تخفق فوق الجزيرة من أقصاها إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015