على ملك مصر قائلا: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55} [يوسف: 55]
وقد جعل الله سبحانه وتعالى ما وصل إليه يوسف عليه السلام من الملك والقيام بالعدل وحفظ أموال الناس، وتجنيبهم كارثة المجاعة المتوقعة المحققة .. جعل الله هذا منَّاً منه ونعمة على عبده يوسف عليه السلام حيث يقول سبحانه وتعالى: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (57)} [يوسف: 56 - 57]
فجعل الله تمكين يوسف في أرض مصر بتقلده الوزارة فيها فضلاً من عنده على نبيه الكريم ..
علماً أن يوسف عليه السلام عامل قوماً جميعهم من الكفار فقام على حفظ أموالهم، وتجنيبهم كارثة ومصيبة كبرى ولا شك أنه لم يسر في وزارته كما هو الحق والعدل في كل الأمور فلا شك أنه قد كانت لهم نظم مالية تخالف العدل كالضرائب التي يفرضونها على الأرض والغلات، والمخصصات التي يخصصونها للملك وحاشيته ووزرائه وخاصته، ونحو ذلك مما هو معلوم من حال ملوك الكفر من أخذ المال من غير حقه، وصرفه على غير نظام العدل والمساواة بين الرعية، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
((ومن هذا الباب تولي يوسف الصديق على خزائن الأرض لملك مصر، بل ومسألته أن يجعله على خزائن الأرض، وكان هو وقومه كفاراً؛ كما قال تعالى: {وَلَقَدْ جاءَكُمْ يوسُفُ مِنْ قَبْلُ بالبَيِّناتِ فَمَا زِلْتُمْ في شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ ... } (غافر: 34) الآية، وقال تعالى عنه: {يا صاحِبَيَّ السِّجْنِ أأرْبابٌ مُتَفَرِّقونَ خَيْرٌ أمِ اللهُ الواحِدُ القَهَّارُ. ما تَعْبُدونَ مَنْ دونِهِ إلاَّ أسْماءً سَمَّيْتُمُوها أنْتُمْ وآباؤكُمْ ... } (يوسف: 39 ـ 40) الآية، ومعلوم أنه مع كفرهم لا بد أن يكون لهم عادة وسنة في قبض الأموال وصرفها على حاشية الملك وأهل بيته وجنده ورعيته، ولا تكون تلك جارية على سنة الأنبياء وعدلهم، ولم يكن يوسف يمكنه أن يفعل كل ما يريد وهو ما يراه من دين الله؛ فإن القوم لم يستجيبوا له،