المبحث الثالث الأدلة على قبول الولايات العامة في ظل الدول الكافرة

المبحث الثالث

الأدلة على قبول الولايات العامة في ظل الدول الكافرة

الأدلة من القرآن والسنة على تولي الولايات العامة في الدول الكافرة.

أ- نبي الله يوسف عليه السلام وولايته على خزائن أرض مصر:

من أصرح الأدلة على مشروعية تولي الولايات العامة في الدول الظالمة بل والكافرة إذا كان هذا المتولي مريداً للحق، قائماً بالعدل حسب استطاعته ما فعله يوسف عليه السلام، وكذلك ما فعله النجاشي -رضي الله عنه-.

فأما نبي الله يوسف عليه السلام فإنه كان مؤمنا في بلد كافر، قَدَرَ عليه -وهو غلام- مجموعة من الكفار فباعوه رقيقاً، ولكن الله الذي يرعاه يسر له أن يصبح في بيت رجل كريم أحسن مثواه، وعامله مثل ابن له {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 21]،وقال يوسف عن هذا الذي اشتراه وأكرم مثواه {إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [يوسف: 23]،على القول بأن المقصود بـ "ربي" في هذه الآية سيدي وهو الراجح ولا شك.

وقد اتهم عليه السلام بما اتهمته به زوجة هذا الرجل ظلماً وعدواناً، وبرأه الله مما قالت، ونجاه من كيدها، وكيد من على شاكلتها من المفسدات الفاسدات .. ودخل السجن، وقد دعا يوسف إلى الدين وتوحيد الله بما استطاع .. ثم هيأ الله له الخروج من السجن مبرءاً مرفوع الرأس، منتصراً وفضح من اتهموه وآذوه .. وقد هيئت ليوسف الفرصة أن يدعو إلى الله من موقع أفضل، وأن يقيم العدل ما استطاع وسط نظام يقوم على الكفر والامتيازات الباطلة التي اعتادها ملوك مصر وتميزوا بها على شعوبهم .. ولم يقصر يوسف عليه السلام في اهتبال هذه الفرصة المواتية ليقيم العدل ويدعو إلى الله من موقع أفضل ويجنب شعباً من الشعوب خطر المجاعة التي علم أنها تنتظرهم في سني القحط السبع القادمة فعرض نفسه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015