[التوبة: 100] فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي ذَلِكَ بِحَسَبِ وُسْعِهِ؛ فَمَنْ وَلِيَ وِلَايَةً يَقْصِدُ بِهَا طَاعَةَ اللَّهِ وَإِقَامَةَ مَا يُمَكِّنُهُ مِنْ دِينِهِ وَمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَأَقَامَ فِيهَا مَا يُمَكِّنُهُ مِنَ الْوَاجِبَاتِ وَاجْتِنَابِ مَا يُمَكِّنُهُ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ: لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا يَعْجِزُ عَنْهُ؛ فَإِنَّ تَوْلِيَةَ الْأَبْرَارِ خَيْرٌ لِلْأُمَّةِ مِنْ تَوْلِيَةِ الْفُجَّارِ.
وَمَنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ إقَامَةِ الدِّينِ بِالسُّلْطَانِ وَالْجِهَادِ فَفَعَلَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنَ النَّصِيحَةِ بِقَلْبِهِ وَالدُّعَاءِ لِلْأُمَّةِ وَمَحَبَّةِ الْخَيْرِ وَفَعَلَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنَ الْخَيْرِ: لَمْ يُكَلَّفْ مَا يَعْجِزُ عَنْهُ؛ فَإِنَّ قِوَامَ الدِّينِ بِالْكِتَابِ الْهَادِي وَالْحَدِيدِ النَّاصِرِ كَمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى. فَعَلَى كُلِّ أَحَدٍ الِاجْتِهَادُ فِي اتِّفَاقِ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيدُ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِطَلَبِ مَا عِنْدَهُ مُسْتَعِينًا بِاَللَّهِ فِي ذَلِكَ؛ ثُمَّ الدُّنْيَا تَخْدِمُ الدِّينَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ مَعَهُ أَصْحَابُهُ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَيُوَدِّعُونَهُ وَيُوصُونَهُ فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ: " إِنِّي مُوصِيكَ بِأَمْرَيْنِ إِنْ حَفِظْتُهُمَا حَفِظْتُ مَا قَالَ لَكَ أَصْحَابُكَ: إِنَّهُ لَا غِنَى بِكَ عَنْ نَصِيبِكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَنْتَ إِلَى نَصِيبِكَ مِنَ الْآخِرَةِ أَحْوَجُ فَآثِرْ نَصِيبَكَ مِنَ الْآخِرَةِ عَلَى نَصِيبِكَ مِنَ الدُّنْيَا فَإِنَّهُ يَأْتِي بِكَ أَوْ يَمُرُّ بِكَ عَلَى نَصِيبِكَ مِنَ الدُّنْيَا فَيَتَنَظَّمُهُ لَكَ انْتِظَامًا فَيَزُولُ مَعَكَ أَيْنَمَا زُلْتَ (?)." (?)
ــــــــ