وَإِن يجلس على جَمْرَة فتحرق ثِيَابه خير من أَن يجلس على قبر هُوَ على ظَاهره لِأَنَّهُ من الاستهانة بهَا وَهِي مَوضِع عظة وَاعْتِبَار وَقيل هُوَ من التخلي وَالْحَدَث وَبِهَذَا فسره فِي الْمُوَطَّأ وَقَوله يجلس النَّاس بيدَيْهِ بِفَتْح الْجِيم أَي يُشِير بيدَيْهِ إِلَيْهِم أَن يجلسوا وَقَوله فِي مجْلِس من الْأَنْصَار قد تسمى الْجَمَاعَة مَجْلِسا لأَنهم أهل الْمجْلس كَمَا قَالَ واستب بعْدك يَا كُلَيْب الْمجْلس وَقَوله كَانَت تجْلِس جلْسَة الرجل بِكَسْر الْجِيم أَي على صفتهَا وهيئتها وَأما الجلسة بِالْفَتْح فَوَاحِدَة الجلسات
(ج ل ى) وَقَوله حَتَّى تجلت الشَّمْس وفاذكروا الله حَتَّى ينجليا وَفِي بعض النّسخ يتجليا أَي ظَهرت ويظهرا وَمِنْه ثمَّ جلى عَن الشَّمْس وَعند السَّمرقَنْدِي ثمَّ تجلى عَن الشَّمْس أَي انْكَشَفَ عَنْهَا ذَلِك وَقَوْلها حَتَّى تجلاني الغشى كَذَا جَاءَ فِي الْمُوَطَّأ وَلم أر هَذِه اللَّفْظَة فِي كتب اللُّغَة والشروح وَمَعْنَاهَا عِنْدِي وَالله أعلم غشيني وغطاني واصله تجللني وَجل الشَّيْء وجلاله مَا غطي بِهِ وَمِنْه جلال الستور والحجال وَجل الدَّابَّة فَيكون تجلي وتجلل بِمَعْنى وَاحِد كَمَا قَالُوا تمطى وتمطط وكما قَالَ تقضي الْبَازِي أَي تقضضه وانقضاضه وكما قَالُوا تظنى بِمَعْنى تَظنن وَقد قَالُوا فِي لبّى أَصله لبب وَقد يكون معنى تجلاني الغشي أَي ذهب بقوتي وصبري من الْجلاء وَقد قيل فِي قَوْله تَعَالَى) وَالنَّهَار إِذا جلاها
(أَي جلا ظلمتها عَن الدُّنْيَا وَقيل جلاها أَي أظهر شمسها وَقد يكون تجلابي أَي ظهر بِي وَبَان عَليّ لطول الْقيام وَاصل التجلي الظُّهُور وَذكر البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث حَتَّى علاني الغشي بِالْعينِ وَهُوَ معنى مَا فسرناه بِهِ وَقد يكون تجلاني بِمَعْنى علاني وَالله أعلم فَهُوَ أبين فِي الْبَاب وَأعرف لفظا وَمعنى وَجَاء فِي غير حَدِيث فتجلى الله لَهُم تجلى الله تَعَالَى ظُهُوره للإبصار بكشف الْحجب عَنْهَا الَّتِي منعتها حَتَّى يروه تَعَالَى
قَوْله استشارة فِي الْجلاء بِفَتْح الْجِيم ممدودا مخفف اللَّام لَا غير مَعْنَاهُ الِانْتِقَال عَن الْمَدِينَة قَالَ الله تَعَالَى وَلَوْلَا أَن كتب الله عَلَيْهِم الْجلاء وَهَذِه لُغَة أهل الْحجاز وَقَوله فِي حَدِيث المعندة ذكر كحل الْجلاء هَذَا بِكَسْر الْجِيم وَالْمدّ وَيُقَال بِالْفَتْح وَالْقصر وَقَالَهُ ابْن ولاد وَأَبُو عَليّ بِالْفَتْح وَالْقصر فِي بَاب فعل قَالَ أَبُو عَليّ هُوَ كحل يجلوا الْبَصَر وَقيل هُوَ الأثمد وجلى الله لي بَيت الْمُقَدّس أَي كشفه وأبانه حَتَّى رَأَيْته رُوِيَ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد وَقَوله فَجلى للْمُسلمين أَمرهم أَي كشفه وَبَينه.
قَوْله جلبان السِّلَاح بِضَم الْجِيم وَاللَّام وَتَشْديد الْبَاء كَذَا لأكْثر الْأَحَادِيث وَكَذَا ضبطناه وَكَذَا صَوبه ابْن قُتَيْبَة وَرَوَاهُ بعض النَّاس جلبان بِسُكُون اللَّام وَكَذَا ذكره الْهَرَوِيّ وَهُوَ الَّذِي صَوبه وَكَذَا قيدناه فِيهِ وَفِي كتاب ثَابت وَلم يذكر ثَابت سواهُ وَكَذَلِكَ الجلبان الْحبّ الَّذِي من القطنية بِسُكُون اللَّام قَالَ بعض المتعقبين الْمَعْرُوف جربان السَّيْف والقوس بالراء وَلم يقل شَيْئا وَفِي البُخَارِيّ فِي بَاب الصُّلْح مَعَ الْمُشْركين بجلب السِّلَاح فَقَط فسر الجلبان فِي الحَدِيث القراب وَمَا فِيهِ وَفِي الحَدِيث الآخر بِالسَّيْفِ والقوس وَنَحْوه وَفِي الآخر لَا تحمل سِلَاحا إِلَّا سيوفا قَالَ الْحَرْبِيّ يُرِيد جفون السيوف وَقَالَ غَيره هُوَ شبه الجراب من الْأدم يوضع فِيهِ السَّيْف مغمودا ويطرح فِيهِ الرَّاكِب سَوْطه ويعلقه من آخِرَة الرحل وَهَذَا هُوَ القراب مثل قَوْلهم فِي الحَدِيث القراب وَمَا فِيهِ أَرَادَ أَن لَا يدخلوها بسلاح ظَاهر دُخُول الْمُحَارب القاهر من الرماح وَشبههَا وَأما على رِوَايَة الجلب فقد يكون جمعا أَيْضا وَلَعَلَّه بِفَتْح اللَّام جمع جلبة وَهِي الْجلْدَة